كتاب جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة الثانية

دالة على أن التراب طَهور كالماء./والقراَنُ يدلُّ على أنّه طَهور بقوله لمّا ذكر التيمم: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) (1). والذين أمروه بالتيمم لكل صلاةٍ تمسكوا بآثار رُوِيتْ عن بعض الصحابة، هي ضعيفة (2)، وعنهم ما يخالفها. وقالوا: إنه لا يَرفعُ الحدثَ، وإنما هو مُبِيْحٌ، فيُبِيحُ بقَدْرِ الضرورة. قالوا: ولو رفع الحدث لما كان إذا قَدَرَ على استعمال الماء يستعمله بحكم الحدث السابق من غير تجددِ حَدَثٍ. واحتجوا بقوله لعمرو بن العاص: "أصليتَ بأصحابك وأنتَ جُنُبٌ؟ " (3).
__________
(1) سورة المائدة.: 6.
(2) أخرجها الدارقطني 1/ 184. 185 عن عمرو بن العاص وعلي وابن عمر وابن عباس، وتكلم عليها العظيم آبادي في تعليقه. وأخرج بعضها عبد الرزاق 1/ 214 - 216 وابن أبي شيبة 1/ 160 والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 221.
(3) أخرجه أحمد 4/ 203، 204 وأبو داود (334) وابن حبان (202 - موارد) والدارقطني 1/ 178 والحاكم في المستدرك 1/ 177 عن عمرو بن العاص. ولفظه عند أبي داود: قال: احتلمتُ في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلتُ أن أهلك، فتيممتُ، ثم صليتُ بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: " يا عمرو، صليتَ بأصحابك وأنت جُنُب؟ " فأخبرتُه بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعتُ الله يقول: (وَلَا تقْتُلواْ أَنفُسَكُم إنً اَللهَ كاَنَ بِكُم رَحِيمَا (29)). فضحك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يقل شيئاً. والحديث ذكره البخاري 1/ 454 تعليقاً، وقواه الحافظ في الفتح، وصححه الألباني في إرواء الغليل 1/ 181.

الصفحة 209