كتاب جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة الثانية
الغصب والإتلاف بالقيمة، فكذلك (1) في القرض، إذ لا مِثْلَ له. وهذا قولٌ في مذهب أحمد وغيره، وقال الأكثرون: بل يجب المثل من الحيوان بحسب الإمكان، كما دلّت عليه السنة، وهذا هو المنصوص عن الأئمة.
واختلفت (2) أقوالهم في الغَصْب والإتلاف، فتارةً يقولون:
يضمن بالقيمة، وتارةً يقولون: يضمن ما سوى الحيوان بالقيمة، وتارةً يقولون: بل الجميع يضمن بالمثل بحسب الإمكان. وهذه الأقوال الثلاثة في مذهب أحمد. وقد اختلف في ذلك قول (3) مالك والشافعي أيضًا، فقال الشافعي في الجدار المهدوم ظلمًا: يُعادُ مثلُه، وقال في مواضع: يضمن بالقيمة.
ولم يكن مع من يوجب القيمة في الإتلافِ من النصوص إلاّ قولُ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (4): "من أعتقَ شِركا له في عبدٍ، وكان له من المال ما بلغَ ثمنَ العبد، فقُوِّمَ عليهِ قيمةَ عدلٍ، لا وَكْسَ ولا شَطَطَ، وأُعْطِيَ شُركاؤُه حِصَصَهم، وعَتَقَ عليه العبدُ".
قالوا: فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أوجبَ في نصيب الشريك القيمةَ، ولم يُوجِبْ نصفَ عبدٍ، ولو كان العبد يضمن بالمثل لأوجبَ نصف عبد.
__________
(1) س، ع: "وكذلك".
(2) س: "واختلف".
(3) س: "يقول".
(4) أخرجه البخاري (2521 - 2525 ومواضع أخرى) ومسلم (1501 وبعد رقم 1667) عن عبد الله بن عمر.