كتاب جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة الثانية

أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دعا لابن عباسٍ رضي الله عنه فقال: "اللهم فَقَهْه في الدين وعَلمْه التأويلَ".
لكن الناس صاروا هنا ثلاثةَ أقسام (1):
(1) قوم من مُثبِتَةِ القياس قالوا: إن النصوص لا تُحيط بأحكام الحوادث، وغَلاَ منهم من قال: ولا بعُشُرِ مِعْشارِ الحوادث (2)، وقال بعضهم: إن النصوصَ متناهية، وحَوادث العبادِ غير متناهية، وإحاطة/ [163 أ] المتناهي (3) بغير المتناهي ممتنع (4).
وهذا خطأ (5)، لأن ما يتناهَى لا يَمتنعُ أن يُجْعَلَ أنواعًا،
__________
= سعيد بن جبير عن ابن عباس. والحديث بنحوه مختصرًا عند البخاري (143 ومواضع أخرى) ومسلم (2477) عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس.
(1) انظر "إعلام الموقعين" (1/ 333).
(2) قال الجويني في "البرهان" (2/ 768): "إن تسعة أعشار الفتاوى والأقضية صادرة عن الرأى المحض والاستنباط، ولا تعلق لها بالنصوص والظواهر". وانظر ما قاله في (2/ 764، 1166).
(3) س: "المتناهية".
(4) قال الشهرستاني في "الملل والنحل" (1/ 199): "تعلم قطعاً ويقينا أن الحوادث والوقائع في العبادات والتصرفات مما لا يقبل الحصر والعدد، ونعلم قطعَا أيضًا أنه لم يرد في كل حادثة نصٌ، ولا يتصور ذلك أيضًا.
والنصوص إذا كانت متناهية، وما لا يتناهى لا يضبطه ما يتناهى، عُلِم قطعًا أن الاجتهاد والقياس واجب الاعتبار، حتى يكون في كل حادثة اجتهاد".
(5) انظر "المسودة": 374، و"إعلام الموقعين" (1/ 333)، و"مختصر" ابن اللحام: 151، و"شرح الكوكب المنير" (4/ 224).

الصفحة 274