كتاب جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة الثانية

وإن قيل: قوله: "فلأولى رجل ذكر" إنما هو في الأقارب الوارثين بالنسب. قيل: فالمنازع يقدم المعتقَ على الأخت مع البنت، وليس من الأقارب، وهو - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "فلأولى رجل ذكر"، ووكّد بالذكر ليبين أن العاصب المذكور هو الذكر دون الأنثى، وأنه لم يرد بلفظة الرجل ما يتناول (1) الأنثى، كما في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أيما رجل وجد متاعه" ونحو ذلك مما (2) يذكر فيه لفظ الرجل، والحكم يعم النوعين: الذكور والإناث. وهذا كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في فرائض صدقة الإبل: "فإن لم يكن فيها بنت مخاض فابن لبون ذكر" (3)، فذكر لفظ "الذكر" ليبين أن (4) مراده بابن اللبون: الذكر دون الأنثى، وأن الذكر يجزئ (5) في هذه الحال دون ما إذا كان فيها بنت مخاض، فإن الفرض بنت مخاض.
ومما يبين صحةَ قول الجمهور أن قوله: (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ) إنما يدل منطوقه على أنها ترث النصف مع عدم الولد، والمفهوم إنما يقتضي أن الحكم في المسكوت ليس مماثلاً
__________
(1) س، ع: "ما لا يتناول". وهو يعكس المعنى.
(2) س، ع: "فيما".
(3) أخرجه البخاري (1448 ومواضع أخرى) وأحمد (1/ 11) وأبو داود (1567) والنسائي (5/ 18) وابن ماجه (1800) عن أبي بكر الصديق ضمن كتاب الصدقة التي كتبها لأنس.
(4) "أن" ساقطة من س، ع.
(5) س: "يجري".

الصفحة 326