كتاب آثار ابن باديس (اسم الجزء: 2)

جنود معينون معروفون يتركب منهم عسكره. يكونون متفرقين فإذا عرض أمر جمعهم. وكان له أعوان يعرفون أولئك الجنود ويعرفون أماكنهم، فهم الذين يجمعونهم عند الحاجة إليهم. فإراد سليمان أن يسافر فأمر أعوانه بجمع الجنود فجمعوهم له. فلما اجتمعوا تولى رؤساؤهم تنظيمهم فساروا مع سليمان في كثرة ونظام يتولى أولئك الرؤساء تنظيمهم في سيرهم ويمنعونهم من الخروج عن النظام.

تفصيل:
كما أن للانس من يعرفهم من أعوان سليمان ومن ينظمهم من رؤسائهم كذلك يكون للجن، وكذلك يكون للطير، وسلطة سليمان على الجن وتسخيره لهم وسلطته على الطير وفهمه لها وفهمها عنه معجزة له وخصوصية ملك لم ينبغ لأحد من بعده.

تاريخ وقدوة:
تفيدنا الآية صورة تامة لنظام الجندية في ملك سليمان. فقد كان الجنود يسرحون من الخدمة ويجمعون عند الحاجة. وكانت أعيانهم معروفة مضبوطة. وكانت لهم هيئة تعرفهم وتضبطهم وتجمعهم عند الحاجة، وكان لهم ضباط يتولون تنظيمهم، وكان النظام محكما لضبط تلك الكثرة ومنعها من الاضطراب والاختلال والفوضى. تعرض علينا الآية هذه السورة التاريخية الواقعية تعليماً لنا وتربيةً على الجندية المضبوطة المنظمة. ولا شك أن الخلفاء الأولين قد عملوا على ذلك في تنظيم جيوشهم وأن مثل هذه الآية كان له الأثر البليغ السريع في نفوس العرب لما أسلموا فسرعان ما تحولوا إلى جنود منظمة مما لم يكن معروفاً عندهم في الجاهلية، وبقيت الآية على الدَّهر مذكرة لنا بأن النظام أساس كل مجتمع واجتماع، وأن القوى والكثرة

الصفحة 25