كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ت العثيمين (اسم الجزء: 2)

فمن قرأ بالتّاء فحجّته: {هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ}، ولم يقل: علينا.
ومن قرأ بلفظ الجمع، فلأنّ الله تعالى قد قال بعد الآية: {وَحَناناً مِنْ لَدُنّا} [١٣] أى: رحمة من عندنا، والعرب تقول: حنانيك أى: رحمة بعد رحمة (¬١) كما قال: لبّيك وسعديك. قال الشّاعر (¬٢): -
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض
وسمعت أبا عمر يقول: {وَحَناناً} قال: هيبة من لدنّا.
وذكر الله تعالى نعمه على يحيى بن زكريا حيث خلقه ولم يك شيئا موجودا مرئيا عند المخلوقين. فأمّا الله تعالى فعلمه ما لم يكن كعلمه به بعد أن كوّنه. وقد كان يحيى عليه السّلام فى علم الله شيئا. وإنّما سمى يحيى لأنّه حيي من عقيمين كانت أمّه أتت عليها خمس وتسعون سنة وأبوه نيّف وتسعون لا يولد لهما فحيى من بين ميّتين قد يئسا من الولد.

٦ - وقوله: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [٧].
قيل: لم يسمّ أحد يحيى قبل يحيى. وقال آخرون: السّمىّ: الولد واحتجّوا بقوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [٦٥].
قال أبو عبد الله: وسمعت القاضى أبا عمران بن الأشيب يقول: يحيى أفضل من عيسى عند أهل التّأويل؛ لأنّ الله/تعالى سلّم على يحيى فقال:
---------------
(¬١) الزّاهر لابن الأنبارى: ١/ ٢٠٠.
(¬٢) البيت لطرفة بن العبد، ملحقات ديوانه: ١٤٢.
وهو من شواهد الكتاب: ١/ ١٧٤، والمقتضب: ٣/ ٢٢٤، وشرح المفصّل لابن يعيش:
١/ ١١٨.

الصفحة 13