كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 2)

ثم تطرق إلى النزاع فى حقيقة السحر ثم قال:
إذا ثبت هذا فإن تعلم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم قال أصحابنا: ويكفر الساحر بتعلمه وفعله سواء اعتقد تحريمه أو إباحته «1». اه
والسحر حق، قال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ ومِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ ومِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ «2».
يقول ابن قدامة: ولو لا أن السحر له حقيقة لما أمر اللّه تعالى بالاستعاذة منه وقال اللّه تعالى: يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ ومارُوتَ إلى قوله: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وزَوْجِهِ «3».
ثم ذكر حديث عائشة «4».
وحديث عائشة رضى اللّه عنها فيه دلالة قوية على حقيقة السحر. فقد روى مسلم «5» عن عائشة قالت: سحر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يهودى من يهود بنى زريق يقال له: لبيد بن الأعصم قالت: حتى كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم دعا ثم دعا ثم قال: «يا عائشة أشعرت أن اللّه أفتانى فيما استفتيته فيه؟ جاءنى رجلان فقعد أحدهما عند رأسى والآخر عند رجلى فقال الّذي عند رأسى للذى عند رجلى والّذي عند رجلى للذى عند رأسى ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب. قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم. قال: فى أى شيء قال: فى مشط ومشاطة. قال: وجب طلعة ذكر.
قال: فأين هو؟ قال: فى بئر ذى أروان ... » اه
___________
(1) نفس المصدر 8/ 151.
(2) سورة الفلق/ 1 - 4.
(3) سورة البقرة/ 102.
(4) المغنى 8/ 151.
(5) فى الصحيح 4/ 1720.

الصفحة 102