كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 2)
وجل: والَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وعَهْدِهِمْ راعُونَ والَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ «1».
فأوجب اللّه عز وجل لأهل هذه الأعمال الشريفة الزاكية المرضية الخلود فى الفردوس، وجعل هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين، ثم عاب اللّه عز وجل الناس كلهم وذمهم ونسبهم إلى اللؤم والهلع والجزع، والمنع للخير، إلا أهل الصلاة فإنه استثناهم منهم فقال اللّه عز وجل: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ثم استثنى المصلين منهم، فقال:
إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ والَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ والْمَحْرُومِ ثم وصفهم بالأعمال الزاكية الطاهرة المرضية الشريفة، إلى قوله:
وَ الَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ ثم ختم بثنائه عليهم ومدحهم، بأن ذكرهم بمحافظتهم على الصلاة، فقال: والَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ «2» فأوجب لأهل هذه الأعمال الكرامة فى الجنة، وافتتح ذكر هذه الأعمال بالصلاة وختمه بالصلاة فجعل ذكر هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين. ثم ندب اللّه عز وجل رسوله صلى اللّه عليه وسلم إلى الطاعة كلها جملة وأفرد الصلاة بالذكر من بين الطاعة كلها. والصلاة هى من الطاعة فقال عز وجل: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وأَقِمِ الصَّلاةَ «3» ففى تلاوة الكتاب فعل جميع الطاعات، واجتناب جميع المعصية. فخص الصلاة بالذكر فقال: وأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ والْمُنْكَرِ «4». وإلى الصلاة خاصة ندبه اللّه عز وجل فقال: وأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ واصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ «5» فأمره أن يأمر أهله بالصلاة ويصطبر عليها. ثم أمر اللّه تعالى جميع المؤمنين بالاستعانة على طاعته كلها بالصبر ثم خص الصلاة بالذكر
___________
(1) سورة المؤمنون من آية 1 - 11.
(2) انظر: سورة المعارج من آية 19 - 35.
(3) سورة العنكبوت/ 45.
(4) سورة العنكبوت/ 45.
(5) سورة طه/ 132.