كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 2)

فنسبهم اللّه عز وجل إلى جميع المعصية فى تضييع الصلاة.
فهذا ما أخبر اللّه تعالى به من آي القرآن، من تعظيم الصلاة، وتقديمها بين يدى الأعمال كلها، وإفرادها بالذكر من بين جميع الطاعات والوصية بها دون أعمال البر عامة. فالصلاة خطرها عظيم وأمرها جسيم.
وبالصلاة أمر اللّه تبارك وتعالى رسوله، أول ما أوحى إليه بالنبوة، قبل كل عمل، وقبل كل فريضة. وبالصلاة: أوصى النبي صلى اللّه عليه وسلم عند خروجه من الدنيا فقال: «اللّه اللّه فى الصلاة وفيما ملكت أيمانكم» «1» فى آخر وصيته إياهم وجاء الحديث: «أنها آخر وصية كل نبى لأمته وآخر عهده إليهم عند خروجه من الدنيا». وجاء فى حديث آخر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم: «أنه كان يجود بنفسه ويقول: الصلاة، الصلاة، الصلاة». فالصلاة أول فريضة فرضت عليهم، وهى آخر ما أوصى به أمته. وآخر ما يذهب من الإسلام. وهى أول ما يسأل عنه العبد من عمله يوم القيامة وهى عمود الإسلام. وليس بعد ذهابها دين، ولا إسلام، فاللّه اللّه فى أموركم عامة، وفى صلاتكم خاصة، فتمسكوا بها واحذروا تضييعها والاستخفاف بها ومسابقة الإمام فيها، وخداع الشيطان أحدكم عنها، وإخراجه إياكم منها فإنها آخر دينكم، ومن ذهب آخر دينه فقد ذهب دينه كله فتمسكوا بآخر دينكم «2».
___________
(1) روى أحمد 1/ 78 والمروزى فى تعظيم قدر الصلاة 1/ 333 وأبو داود 5/ 359 وابن ماجة 2/ 901 عن على بن أبى طالب قال: «كان آخر كلام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «الصلاة الصلاة، اتقوا اللّه فيما ملكت أيمانكم» وروى أحمد 6/ 290، 311، 315، 321، عن أم سلمة قالت: كان من آخر وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل نبى اللّه صلى اللّه عليه وسلم يلجلجها فى صدره وما يفيض بها لسانه».
وروى المروزى 1/ 332 وابن ماجة 2/ 900 عن أنس بن مالك قال: كانت آخر وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو يغرغر بها فى صدره، فلا يكاد يفيض بها لسانه: «الصلاة الصلاة، اتقوا اللّه فيما ملكت أيمانكم».
(2) انظر الرسالة بأكملها فى طبقات الحنابلة 1/ 348 - 380، وانظر: إسناد هذه الرسالة والتعليق عليه ج: 1/ 41 من المقدمة.

الصفحة 45