كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 2)

ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ولا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا «1». ويقول جل ذكره: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ويُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ولا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ «2».
يقول الماوردى: فإذا ثبت حظر الردة بكتاب اللّه تعالى فهى موجبة للقتل بسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإجماع صحابته- رضى اللّه عنهم- ثم ذكر حديث ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «من بدل دينه فاقتلوه» «3». وحديث عثمان عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس» «4». ثم قال- أى الماوردى-: وقاتل أبو بكر الصديق بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أهل الردة ووضع فيهم السيف حتى أسلموا «5».
اه
وقوله صلى اللّه عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه» خاص بالمسلمين دون سواهم وهو الّذي عليه جمهور العلماء فمن بدل دينه من أهل الإسلام فجزاؤه القتل أما أهل الملل الأخرى فالصحيح أن الحديث لا يشملهم.
يقول القرطبى: واختلفوا من خرج من كفر إلى كفر فقال مالك وجمهور الفقهاء: لا يتعرض له لأنه انتقل إلى ما لو كان عليه فى الابتداء لأقر عليه «6». اه
___________
(1) سورة النساء/ 137.
(2) سورة المائدة/ 54.
(3) تقدم تخريجه ج: 2/ 40.
(4) رواه أحمد 1/ 61، 65، 70، والترمذي 4/ 460، وأبو داود 4/ 640، وابن ماجة 2/ 847، والحاكم 4/ 350، قال الترمذي: وفى الباب عن ابن مسعود وعائشة وابن عباس، وهذا حديث حسن.
وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(5) حكم المرتد ص: 27 - 28.
(6) الجامع لأحكام القرآن 3/ 47.

الصفحة 63