كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 2)

يتكلمون حتى يقال: اخْسَؤُا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ «1» صاروا عميا وبكما وصما، وينقطع الكلام، ويبقى الزفير والشهيق، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة من قول اللّه وعز وجل «2».
(و أما قوله) «3»: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ولا يَتَساءَلُونَ «4» وقال فى آية أخرى: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ «5» فقالوا: كيف يكون هذا من المحكم فشكوا فى القرآن من أجل ذلك.
فأما قوله عز وجل: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ولا يَتَساءَلُونَ فهذا عند النفخة الثانية، إذا قاموا من القبور لا يتساءلون، ولا ينطقون فى ذلك الموطن، فإذا حوسبوا ودخلوا الجنة والنار: أقبل بعضهم على بعض يتساءلون. فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة «6».
وأما قول اللّه عز وجل: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ «7» وقال فى آية أخرى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ «8» فقالوا: إن اللّه قد ذم قوما كانوا يصلون فقال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ وقد قال فى قوم أنهم إنما دخلوا النار لأنهم لم يكونوا يصلون، فشكوا فى القرآن من أجل ذلك، وزعموا أنه متناقض.
___________
(1) سورة المؤمنون/ 108.
(2) وانظر تفسير الطبرى 8/ 201 و15/ 167 و18/ 59 وابن كثير 3/ 70، 271 والشوكانى 3/ 261، 499.
(3) ما بين القوسين ليس من الأصل وما أثبته موافق للمطبوع، ويقتضيه السياق.
(4) سورة المؤمنون/ 101.
(5) سورة الصافات/ 50.
(6) وانظر: تفسير الطبرى 18/ 54 و23/ 58 والشوكانى 3/ 499.
(7) سورة المدثر/ 42، 43.
(8) سورة الماعون/ 4.

الصفحة 74