كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 2)

جَمِيلًا «1».
فقالوا: كيف يكون هذا من الكلام المحكم، وهو ينقض بعضه بعضا.
قال: أما قوله: وإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ فهذا من الأيام التى خلق اللّه فيها السموات والأرض، كل يوم كألف سنة. وأما قوله: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ (ق 6/ أ) أَلْفَ سَنَةٍ وذلك أن جبرائيل كان ينزل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ويصعد إلى السماء فى كل (يوم) «2» كان مقداره ألف سنة، وذلك أن من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة. فهبوط: خمسمائة عام. وصعود: خمسمائة عام فذلك ألف سنة.
وأما قوله: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ يقول: لو ولى حساب الخلائق غير اللّه ما فرغ منه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ويفرغ اللّه منه مقدار نصف يوم من أيام الدنيا، إذا أخذ فى حساب الخلائق، فذلك قوله:
وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ يعنى لسرعة الحساب «3» «4».
وأما قوله: يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ إلى قوله: ما كُنَّا مُشْرِكِينَ «5». فأنكروا أن كانوا مشركين وقال فى آية أخرى ولا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً «6» فشكوا فى القرآن.
وزعموا أنه متناقض. أما قوله: واللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ وذلك: أن أهل الشرك «7» إذا رأوا ما يتجاوز اللّه عن أهل التوحيد، يقول بعضهم لبعض:
إذا سألنا نقول: لم نكن مشركين. فلما جمعهم اللّه وجمع أصنامهم وقال:
___________
(1) سورة المعارج/ 4.
(2) فى الأصل: «فى كل يوم» والصواب ما هو مثبت كما فى المطبوع.
(3) فى المطبوع: «سرعة الحساب».
(4) وانظر تفسير الطبرى 17/ 183 و21/ 91 و29/ 70 وابن كثير 3/ 240، 476 و4/ 444 والشوكانى 3/ 460 و4/ 248، 251 و5/ 288، 291.
(5) سورة الأنعام/ 22، 23.
(6) سورة النساء/ 42.
(7) فى المطبوع: أن هؤلاء المشركين.

الصفحة 77