كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 2)
أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ قال اللّه (ق 6/ ب) تعالى: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا واللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ فلما كتموا الشرك ختم على أفواههم، وأمر الجوارح فنطقت بذلك فذلك قوله: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ «1» الآية فأخبر اللّه عز وجل عن الجوارح حين شهدت. فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة «2».
أما قوله عز وجل: ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ «3» وقال: يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً «4» وقال: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً «5» وقال: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا «6» من أجل ذلك شكت الزنادقة.
وأما قوله: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً وذلك إذا خرجوا من قبورهم، فنظروا إلى ما كانوا يكذبون به من أمر البعث، قال بعضهم لبعض: إن لبثتم فى القبور إلا عشر ليال، استكثروا العشر، فقالوا: إن لبثتم إلا يوما فى القبور، ثم استكثروا اليوم فقالوا: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ثم استكثروا القليل فقالوا: إن لبثتم إلا ساعة من نهار، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة «7».
وأما قوله: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا «8» وقال فى آية أخرى: ويَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ «9». فقالوا: كيف يكون هذا يقولون: لا علم لنا. وأخبر عنهم أنهم
___________
(1) سورة يس/ 65.
(2) وانظر تفسير الطبرى 5/ 93 و7/ 165 وابن كثير 1/ 529 و2/ 137 والشوكانى 1/ 467 و2/ 107، 109.
(3) سورة الروم/ 55.
(4) سورة طه/ 103.
(5) سورة طه/ 104.
(6) سورة الإسراء/ 52.
(7) وانظر تفسير الطبرى 15/ 101 و106 و16/ 210 و21/ 57 وابن كثير 3/ 49، 174، 458 والشوكانى 3/ 235، 386 و4/ 232.
(8) سورة المائدة/ 109.
(9) سورة هود/ 18.