كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 2)
وأما قوله: وأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. يقول اعدلوا فيما بينكم وبين (ق 9/ أ) الناس إن اللّه يحب الذين يعدلون.
وقال فى آية أخرى: أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ «1» يعنى:
يشركون.
فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة «2».
وأما قوله: والْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ «3» وقال فى آية أخرى: والَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا «4».
وكان هذا عند من لا يعرف معناه ينقض بعضه بعضا.
أما قوله: والَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا، يعنى من الميراث، وذلك أن اللّه عز وجل حكم على المؤمنين لمّا هاجروا إلى المدينة أن لا يتوارثوا إلا بالهجرة، فإن مات رجل بالمدينة مهاجرا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم وله أولياء بمكة لم يهاجروا: كانوا لا يتوارثون، وكذلك إن مات رجل بمكة وله ولى مهاجر مع النبي صلى اللّه عليه وسلم:
كأنه لا يرثه المهاجر فذلك قوله: والَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ من الميراث حَتَّى يُهاجِرُوا فلما كثر المهاجرون رد اللّه الميراث على الأولياء هاجروا أو لم يهاجروا، وذلك قوله: وأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والْمُهاجِرِينَ «5».
وأما قوله: الْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يعنى فى الدين،
___________
(1) سورة النمل/ 60.
(2) وانظر تفسير الطبرى 29/ 113 وابن كثير 2/ 64 و4/ 457 والشوكانى 2/ 42 و5/ 308.
(3) سورة التوبة/ 71.
(4) سورة الأنفال/ 72.
(5) سورة الأنفال/ 75.