كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 2)
مالك والليث وإسحاق وعن أبى حنيفة روايتان كهاتين ... والزنديق لا تظهر منه علامة تبين رجوعه وتوبته لأنه كان مظهرا للإسلام مسرا للكفر فإذا وقف على ذلك فأظهر التوبة لم يزد على ما كان منه قبلها وهو إظهار الإسلام
وأما من تكررت ردته فقد قال اللّه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ولا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا «1» .. وفى الجملة فالخلاف بين الأئمة فى قبول توبتهم فى الظاهر من أحكام الدنيا من ترك قتلهم وثبوت أحكام الإسلام فى حقهم وأما قبول اللّه تعالى لها فى الباطن وغفرانه لمن تاب وأقلع ظاهرا أم باطنا فلا خلاف فيه فإن اللّه تعالى قال فى المنافقين إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وأَصْلَحُوا واعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً «2» «3» اه.
وذكر البعض أن الزنديق لا يقتل واحتج بأن المنافقين كانوا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يظهرون الإسلام ويسرون الكفر ومع هذا لم يكن النبي صلى اللّه عليه وسلم يقتلهم «4».
والصواب: أن هنالك فروقا بين الزنديق والمنافق فكل زنديق منافق وليس كل منافق زنديقا «5».
___________
(1) سورة النساء/ 137.
(2) سورة النساء/ 146.
(3) المغنى 8/ 126 - 128.
(4) انظر: الروايتين والوجهين 2/ 305، والإنصاف للمرداوى 10/ 332.
(5) انظر: فتح البارى 12/ 271.