الشَّمسُ أُغميَ عليه بعد مُضِيِّ مقدار التَّحريمة، ثم أفاق بعد منتصف الليل؛ يلزمه قضاء صلاة المغرب؛ لأنه أدرك من وقتها قَدْر التَّحريمة، وأمَّا صلاة العشاء ففي لُزومها عليه خلاف (¬1). فمن قال: إن المُغمَى عليه يقضي الصَّلوات التي فات وقتها وهو في الإغماء قال: تلزمه صلاة العشاء؛ لا لأنَّه أدرك من المغرب قَدْر التَّحريمة، ولكن لأنَّ الإغماء لا يُسقط فرضَ الصَّلاة، ومن قال ـ وهو الصَّحيح ـ: إن الإغماء يُسقط فرضَ الصَّلاة، قال: لا يلزمه في هذه الصُّورة إلا قضاء صلاة المغرب بناءً على أنَّها تُدرك بمقدار تكبيرة الإحرام (¬2).
مثال آخر: رَجُلٌ غربت عليه الشَّمسُ ثم أُصيب ـ والعياذ بالله ـ بالجُنون، ثم أفاق بعد منتصف الليل فيلزمه قضاءُ صلاة المغرب؛ لأنَّه أدرك من وقتها قَدْر التَّحريمة.
وقال بعض أهل العلم: لا يلزمه قضاء الصَّلاة؛ إلا إذا أدرك من وقتها قَدْر ركعة (¬3)؛ لقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «من أدركَ ركعةً من الصَّلاة فقد أدرك الصَّلاة» (¬4)، وهذا لم يُدرك ركعة. هذان قولان.
وقال بعض أهل العلم ـ واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ: لا يلزمه القضاء لا المكلَّف ولا الحائض؛ إلا إذا بقي من وقت ....
¬__________
(¬1) انظر: «المغني» (2/ 47)، «الإنصاف» (3/ 10، 179 ـ 182).
(¬2) انظر: ص (16 ـ 18).
(¬3) انظر: «المغني» (2/ 46، 47)، «الإنصاف» (3/ 179، 180).
(¬4) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه ص (121).