ذكرها»، وهذا يدلُّ على أنها تُقضى فورَ الذِّكر، وفورَ الاستيقاظ، لأن الأصل في الأمر الوجوب والفورية.
2 - أن هذا دَيْنٌ واجبٌ عليه، والواجب المبادرة به؛ لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له إذا أخَّر.
3 - ولأن الإنسان إذا عَوَّدَ نَفسَهُ التهاون والتكاسل في الطَّاعات اعتادت هذا، وصار ذلك خُلقاً لها، إذاً فلا بُدَّ من المبادرة .....
فإن قلت: أليس النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لما استيقظ أمرهم أن يرتحلوا من مكانهم إلى مكانٍ آخر؟
فالجواب: بَلى، ولكنَّه علَّل ذلك بأنه: «مكانٌ حَضَرَ فيه الشَّيطانُ» (¬1)، فلا ينبغي أن يُصلَّى في أماكن حضور الشياطين، ولهذا نَهَى عن الصَّلاة في الحَمَّام (¬2)؛ لأنه مَأوى الشَّياطين، وفي
¬__________
(¬1) رواه مسلم، كتاب المساجد: باب قضاء الصلاة الفائتة (680) عن أبي هريرة.
(¬2) رواه أحمد (3/ 83، 96)، وأبو داود،. كتاب الصلاة: باب في المواضع التى لا تجوز فيها الصلاة، رقم (492)، والترمذي، أبواب الصلاة: باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام، رقم (317)، وابن ماجه، كتاب المساجد: باب المواضع التي تكره فيها الصلاة، رقم (745) والدارمي رقم (1362) وغيرهم عن حماد بن سلمة، وعبد الواحد بن زياد، وعمارة بن غزيَّة، والدراوردي، ومحمد ابن إسحاق كلهم عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «الأرضُ كلُّها مسجد إلا المقبرة والحمَّام».
والحديثُ صحَّحهُ متَّصلاً: ابنُ خزيمة (791)، وابن حبان (1699)، والحاكم (1/ 251)، والذهبي.
قال ابن تيمية: أسانيده جيدة، ومن تكلَّم فيه مما استوفى طُرقه. «اقتضاء الصراط المستقيم» ص (677).
وقال: «إسناده صحيح». «شرح العمدة» له (2/ 425).
قال الدارقطني: ورواه جماعةٌ عن عمرو بن يحيى، عن أبيه مرسلاً.
ورجَّح إرساله: الترمذيُّ، والدارميُّ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ وغيرهم.
قال الترمذي: «هو حديث فيه اضطراب»، وقال النوويّ: ضعَّفه الترمذيُّ وغيره، قال: هو مضطرب، ولا يُعارضُ هذا بقول الحاكم: أسانيده صحيحة. فإنهم أتقن في هذا منه؛ ولأنه قد تصحُّ أسانيدهُ وهو ضعيفٌ لاضطرابه». «الخلاصة» رقم (938).
انظر: «علل الترمذي الكبير» (1/ 239)، «العلل» للدارقطني (11/ 319) رقم (2310)، «السنن الكبرى» للبيهقي (2/ 434)، «التلخيص الحبير» رقم (434).