وقد رآه يصلِّي حاسرَ الرَّأس: «غَطِّ رأسك، هل تخرج إلى النَّاس وأنت حاسر الرَّأس؟ قال: لا. قال: فاللَّهُ أحقُّ أن تتجمَّلَ له» (¬1)، وهذا صحيح لمن عادتهم أنهم لا يحسرون عن رؤوسهم، ولا يمكن أن يخرج حاسر الرَّأس أمام النَّاس.
إذاً؛ فاتِّخاذُ الزِّينة غير سَتْر العَوْرَة، ونقول: قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يُصَلِّيَنَّ أحدُكُمْ في الثَّوبِ الواحدِ ليس على عاتِقِهِ منه شيءٌ» (¬2)، وعاتق الرَّجُلِ ليس بعورة بالاتفاق، ومع ذلك أمر النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام بستره في الصَّلاةِ فقال: «ليس على عاتقه منه شيء»، فدلَّ هذا على أن منَاط الحُكم ليس ستر العورة.
وقال صلّى الله عليه وسلّم لجابر: «إن كان ضيِّقاً فاتَّزرْ به، وإن كان واسعاً
¬__________
(¬1) ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى (22/ 117) دون عزوه لمصدر، ولم أقف عليه ـ بهذا اللفظ ـ سوى عنده. بينما روى عبد الرزاق في «المصنف» (1/ 357)، وأحمد (1/ 17)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/ 377) عن نافع أنَّ ابن عمر كساه ثوبين وهو غلام، فدخل ابنُ عمر المسجد، فوجده يصلِّي متوشِّحاً في ثوب، فقال: أليس لك ثوبان تلبسهما؟ فقلت: بلى، فقال: أرأيت لو أرسلتك إلى وراء الدار، أكنت لابسهما؟ قال: نعم، قال ابن عمر: ... فالله أحقُّ أن تزيِّن له ... ».
قال ابن كثير: «إسناده جيد». «مسند الفاروق» (1/ 149).
(¬2) رواه ـ بهذا اللفظ ـ عبد الرزاق في «المصنف» (1/ 353)، والنسائي، كتاب الصَّلاة: باب صلاة الرجل في الثوب الواحد، (3/ 71) رقم (768) من حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة به. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
ورواه البخاري، كتاب الصلاة: باب إذا صلَّى في الثوب الواحد، رقم (359)، ومسلم، كتاب الصلاة: باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، رقم (516) بلفظ: «لا يُصلِّي أحدُكم في الثوب الواحد، ليس على عاتقيه منه شيء».