كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 2)

بل كثير من النَّاس في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم على ثوب واحد.
وظاهر كلام المؤلِّف: أن سَتْرَ الرَّأس ليس بسُنَّة؛ لأنَّه قال: «صلاته في ثوبين» إزار ورداء، قميص ورداء، وما أشبه ذلك، فظاهره أنه لا يُشرع ستر الرأس، وقد سبق في أثر ابن عمر أنه قال لمولاه نافع: «أتخرجُ إلى النَّاس حاسرَ الرَّأس؟ قال: لا، قال: فالله عزّ وجل أحقُّ أن يُستحى منه» (¬1). وهو يدلُّ على أن الأفضل ستر الرأس، ولكن إذا طبَّقنا هذه المسألة على قوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] تبيَّن لنا أن ستر الرأس أفضل في قوم يعتبر ستر الرأس عندهم من أخذ الزِّينة، أما إذا كُنَّا في قوم لا يُعتبر ذلك من أخذ الزينة، فإنَّا لا نقول: إنَّ ستره أفضل، ولا إنَّ كشفه أفضل، وقد ثبت عن النبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام: «أنه كان يُصلِّي في العِمامة» (¬2)، والعِمَامة ساترة للرَّأس.

وَيَكْفِي سَتْرُ عَوْرَتِه في النَّفْلِ ..........
قوله: «ويكفي سَتْرُ عَوْرَته في النَّفل»، أي: عورة الرَّجُل، وهي ما بين السُّرة والرُّكبة، إلا من سبع إلى عشر فهي الفَرْجان،
¬__________
(¬1) تقدم الكلام عليه ص (150).
(¬2) روى البخاري، كتاب الوضوء: باب المسح على الخفين، رقم (205)، عن جعفر بن عمرو عن أبيه قال: «رأيت النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم يمسح على عِمامته»، وما مسح عليها في الوضوء إلا ليصلي بها.
ـ وروى مسلم، كتاب الحج: باب دخول مكة بغير إحرام، رقم (1359)، عن عمرو بن حريث أنه رأى النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم يخطب على المبنر وعليه عِمامة سوداء ... ».
ـ وروى البخاري، كتاب الصلاة: باب السجود على الثوب في شدة الحرِّ، معلقاً بصيغة الجزم، ووصله عبد الرزاق (1/ 400)، وابن أبي شيبة عن الحسن: «أن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كانوا يسجدون على عمائمهم ... ».

الصفحة 166