مسلم (¬1). إذاً؛ هذا الرَّجل الذي صَلَّى في ثوبٍ نجسٍ، وهو لا يدري بالنَّجاسة إلا بعد فراغه مخطئ لا خَاطئ، ولو كان يعلم بالنَّجاسة لقُلنا: إنه خاطئ، ولكن هو الآن مخطئ جاهل، فليس عليه إعادة بمقتضى هذه الآية العظيمة التي تُعتبر أساساً في الدِّين الإسلامي.
وهناك دليل خاصٌّ بالمسألة، وهو أن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم لما أخبره جبريلُ بأنَّ في نعليه أذى أو قَذَرٌ خلعهما (¬2) واستمرَّ في صلاته، ولو كان الثَّوب النَّجس المجهول نجاسته تبطل به الصَّلاة لأعادها من أوَّلها.
وأما النسيان: بأن نسيَ أن يكون عليه نجاسة، أو نسيَ أن يغسلها فَصَلَّى بالثوب النَّجس؛ فالصَّحيح أنه لا إعادة عليه.
والدليل: قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286].
ودليل آخر: ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ نسيَ وهو صائمٌ فأكلَ أو شربَ فليُتِمَّ صومَه» (¬3). والأكل والشّرب في الصِّيام فعل محظور، والصَّلاةُ في ثوب نجس فِعْلٌ محظورٌ أيضاً. فلمَّا سقط حكمه بالنسيان في باب الصِّيام قِيْسَ عليه حُكمه بالنسيان في باب الصَّلاة.
¬__________
(¬1) رواه مسلم، كتاب الإيمان: باب بيانه أنه سبحانه لم يكلف إلا ما يطاق، رقم (125) (126)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وابن عباس رضي الله عنهما.
(¬2) تقدم تخريجه ص (99).
(¬3) رواه البخاري، كتاب الصوم: باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً، رقم (1933)، ومسلم كتاب الصيام: باب أكل الناسي وشربه (1155) عن أبي هريرة رضي الله عنه.