كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 2)

أوَّلها من الشرق بعد أن يغيب آخرها من الغرب؛ لأن المسافة غير بعيدة.
والدَّليل على اعتبار النُّجوم دليلاً قوله تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: 16]، فإن الله سبحانه وتعالى أطلق الاهتداء بالنَّجم، فالنَّجم يُهتدى به على الجهات لكلِّ غرض.

والشَّمْسِ والقَمَرِ ..........
قوله: «والشمس والقمر»، هذا هو الرَّابع مما يستدلُّ به على القِبْلة؛ لأنَّ الشمس والقمر كلاهما يخرج من المشرق ويغرب من المغرب، فإذا كنت عن الكعبة غرباً فالقِبْلة شرقاً، وإذا كنت عن الكعبة شرقاً، فالقِبْلة غرباً، وإذا كنت عن الكعبة شمالاً فالقِبْلة جنوباً، وإذا كنت عن الكعبة جنوباً فالقِبْلة شمالاً، «وما بين المشرق والمغرب قِبْلة» كما قال النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام (¬1)، وذلك لأهل المدينة ومن ضاهاهم.
¬__________
(¬1) رواه الترمذي، أبواب الصلاة: باب ما جاء أن بين المشرق والمغرب قِبلة، رقم (344)، والطبراني في «الأوسط» رقم (794)، (9140) عن عبد الله بن جعفر المخرمي، عن عثمان بن محمد الأخنسي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما بين المشرق والمغرب قبلة».
قال الترمذيُّ: هذا حديث حسن صحيح!.
قال الإمام أحمد بن حنبل: ليس له إسنادٌ. وقال مرَّة: ليس بالقوي.
قال أبو داود: يريد ـ أي أحمد ـ بقوله: «ليس له إسناد» لحال عثمان الأخنسي، لأن في حديثه نكارة. «مسائل أبي داود» ص (300).
قال ابن رجب: يعني: أنَّ في أسانيده ضعفاً ... والأخنسي: وثَّقهُ ابنُ معين وغيره. والمخرمي: خرَّج له مسلم، وقال ابن المديني: روى مناكير. «فتح الباري» له (2/ 289 ـ 290).
ورواه الترمذي أيضاً ـ الموضع السابق ـ رقم (342)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة: باب القبلة، رقم (1011) من طريق أبي معشر، عن محمد بن عمر، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به مرفوعاً.
قال النسائي: منكر. «السُّنن» له (4/ 171 ـ 172).
وله شاهد من حديث ابن عمر، رواه الدارقطني (1/ 271)، والحاكم (1/ 206)، والبيهقي (2/ 9) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن المجبَّر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً.
قال أبو زرعة: هذا وهمٌ، والحديث حديث ابن عمر موقوف. «العلل» لابن أبي حاتم (1/ 184) رقم (528).
ورواه الدارقطني (1/ 271)، وفي «العلل» له (2/ 32)، والحاكم (1/ 205) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع به.
لكن؛ رَفْعُه غير صحيح عند الدارقطني والبيهقي وغيرهما من الحفّاظ.
إلا أنَّ هذا المعنى قد صَحَّ عن عمر بن الخطاب من قوله، كما قال الإمام أحمد.
ورُويَ عن: عثمان، وعليِّ، وابن عمر، وابن عباس، وغيرهم من الصحابة.
قال ابن رجب: ولا يُعرف عن صحابيٍّ خِلافُ ذلك.

الصفحة 278