كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 2)

قال بعض العلماء: لو كلَّفنا الله عملاً بلا نيَّة لكان من تكليف ما لا يُطاق (¬1). فلو قيل: صَلِّ ولكن لا تنوِ الصَّلاة. توضَّأ ولكن لا تنوِ الوُضُوء؛ لم يستطع. ما من عمل إلا بنيَّة. ولهذا قال شيخ الإسلام: «النيَّة تتبع العلم؛ فمن علم ما أراد فِعْلَه فقد نواه، إذ لا يمكن فعله بلا نيَّة» (¬2)، وصَدَق رحمه الله. ويدلُّك لهذا قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «إنَّما الأعمال بالنيَّات» (¬3)، أي: لا عمل إلا بنيَّة.

وَلاَ يُشْتَرطُ في الفَرْضِ، والأداءِ، والقَضَاءِ، والنَّفْلِ، والإِعَادَةِ نِيَّتَهُنَّ وَيَنْوِي مَعَ التَّحْرِيمَةِ، ..........
قوله: «ولا يُشترطُ في الفرضِ، والأداءِ، والقضاءِ، والنَّفلِ، والإعادةِ نيَّتَهُنَّ»، أي: لا يُشترط في الفرض نيَّة الفرض، والأداء والقضاء والنَّفْل والإعادة نيَّتهُنَّ اكتفاء بالتعيين.
فمثلاً: إذا نوى أنها صلاة الظُّهر، لا يُشترط أن ينوي أنها فرض؛ لأن نيَّة الظُّهر تتضمَّن نيَّة الفرض، فإن صلاة الظُّهر فرض. ولذلك قال: «لا يُشترط في الفرض نيَّة الفرض»، ولا يُشترط أيضاً في الأداء نيَّته، والأداء ما فُعل في وقته؛ لأنه متى صَلَّى في الوقت فهي أداء.
ولا يُشترط في القضاء نيَّة القضاء. والقضاء: هو الذي فُعِلَ بعد وقته المحدَّد له شرعاً؛ كصلاة الظُّهر إذا نام عنها حتى دخل وقتُ العصر، فصَلَّى الظُّهر، فهذه قضاء؛ لأنها فُعِلت بعد الوقت.
¬__________
(¬1) انظر: «مجموع الفتاوى» (18/ 262)، «إغاثة اللهفان» (1/ 134).
(¬2) انظر: «مجموع الفتاوى» (22/ 219، 220، 232).
(¬3) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه (1/ 194).

الصفحة 294