كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 2)

فمن تركها فقد كفر» (¬1). والبَيْنيَّةُ تقتضي التَّمييز بين الشيئين، فهذا في حَدٍّ، وهذا في حَدٍّ.
وقوله في الحديث: «الكفر»، أتَى بأل الدالة على الحقيقة، وأنَّ هذا كفرٌ حقيقي وليس كفراً دون كُفر، وقد نَبَّه على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم» (¬2)، فلم يقل صلّى الله عليه وسلّم: «كفر»، كما قال: «اثْنَتَان في النَّاس هُمَا بهم كُفْرٌ: الطَّعن في النَّسب، والنِّياحة على الميِّت» (¬3)، وإنما قال: «بين الرَّجُل والشِّرك والكفر»، يريد بذلك الكفر المطلق وهو المُخْرج عن المِلَّة.
وأما أقوال الصَّحابة: فإنها كثيرة، رُويت عن سِتَّة عشر صحابياً، منهم عمر بن الخطاب (¬4). ونقل عبد الله بن شقيق وهو
¬__________
(¬1) رواه أحمد (5/ 346)، والترمذي، كتاب الإيمان: باب ما جاء في ترك الصلاة، رقم (2621)، والنسائي، كتاب الصلاة: باب الحكم في تارك الصلاة، (1/ 231)، رقم (462)، وابن ماجه كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، رقم (1079)، وغيرهم من حديث بريدة بن الحصيب.
والحديث صحّحه: الترمذي، وابن حبان، والحاكم، والنووي، والذهبي.
وقال هبة الله الطبري: «هو صحيح على شرط مسلم».
انظر: «شرح أصول الاعتقاد» رقم (1518)، «الخلاصة» رقم (658).
(¬2) «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 208).
(¬3) رواه مسلم، كتاب الإيمان: باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب، رقم (68).
(¬4) ولفظه: «لا حَظَّ في الإسلام لمن ترك الصَّلاة»، رواه مالك، كتاب الطهارة: باب العمل فيمن غلبه الدم من جرحٍ أو رعاف، رقم (86)، وابن أبي شيبة في «الإيمان» رقم (103)، والبيهقي (1/ 357) من طريق: هشام بن عروة، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة عن عمر به.
ورواه عبد الرزاق في «مصنفه» رقم (579) عن هشام، عن أبيه، حدثني سليمان بن يسار، عن المسور بن مخرمة، عن عمر به، وإسناده صحيح.
ورواه ابن سعد (3/ 351)، والآجري في «الشريعة» رقم (271، 272) واللالكائي رقم (1528)، والطبراني في «الأوسط» رقم (8181) عن المسور بن مخرمة أيضاً عن عمر به. قال الهيثمي: «رجاله رجال الصحيح»، «المجمع» (1/ 295).
ورواه اللالكائي (1529) عن ابن عباس عن عمر به.
وانظر بقية أقوال الصحابة والتابعين في تكفير تارك الصلاة في: «شرح أصول الاعتقاد» (4/ 906)، و «الشريعة» (2/ 644)، و «المصنَّف» (1/ 150)، و «تعظيم قدر الصلاة» (2/ 876 ـ 925).

الصفحة 30