كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 2)

إذا اسْوَدَّ جُنْحُ اللَّيلِ فَلْتَأْتِ ولْتَكُنْ
خُطَاكَ خِفَافاً، إنَّ حُرَّاسنا أُسْدَا (¬1)
وعلى هذه اللُّغة لا يضرُّ نصب «رسول» إذا اعتقد القائل أنها خبر «إن»، والمؤذِّنون يعتقدون أن «رسول الله» هو الخبر.
ولو قال: «حيَّا على الصَّلاة» فعلى اللُّغة المشهورة ـ وهي أنَّ اسم الفعل لا تلحقه العلامات ـ فهذا لا يتغيَّر به المعنى فيما يظهر، وحينئذ يكون الأذان صحيحاً؛ لأنَّ غايته أنه أشبع الفتحة حتى جعلها ألفاً.

وَيُجْزِئُ مِنْ مُمَيِّزٍ .................
قوله: «ويُجْزِئُ من مُمَيِّز»، يُجزئ: الفاعل يعود على الأذان.
والمميِّز: من بلغ سبعاً إلى البلوغ، وسُمِّيَ مميِّزاً لأنه يميِّز فيفهم الخطاب ويردُّ الجواب. وقال بعضُ العلماء: إن المميِّز لا يتقيَّد بسنٍّ، وإنما يتقيَّد بوصف (¬2).
فالذين قالوا: إنه يتقيد بسنٍّ؛ استدلوا بقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «مُرُوا أبناءَكم بالصَّلاة لسبعِ، واضربُوهم عليها لعشرٍ» (¬3)، فجعل أوَّلَ سِنٍ يُؤمر به الصبيُّ سبعَ سنين، وهذا يدلُّ على أنه قبل ذلك لا يصحُّ توجيه الأمر إليه، فقد يُقال: لأنه لا يفهم الأمر، وقد يُقال: لأنه لا يحتمل الأمر، فإن قلنا بالعِلَّة الأُولى صارت سبعَ السنين هي الحَدُّ للتَّمييز، وإن قلنا بالثَّانية لم يكن ذلك حَدًّا للتَّمييز.
¬__________
(¬1) انظر: «مغني اللبيب» (1/ 37).
(¬2) انظر: «الإنصاف» (3/ 19).
(¬3) تقدم تخريجه ص (14).

الصفحة 71