كتاب التيسير في أحاديث التفسير (اسم الجزء: 2)

فأما المنافقون فهذه أوصافهم الخاصة، ومميزاتهم التي يمتازون بها يعرضها علينا كتاب الله إذ يقول: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} - أي أنهم متشابهون متداخلون متشابكون فيما بينهم، لا يحسون بالانسجام والطمأنينة وهدوء البال إلا إذا كانوا يتنفسون في جو النفاق الخاص بهم - {يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} فهم أعوان على الهدم لا على البناء، وهم رواد الفساد وطلائعه في البلاد، وهم جند الانحراف المجند الذي يشيع الفاحشة بين العباد.

ثم قال تعالى في وصف المنافقين: {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} أي من علامات المنافقين أنهم كلما دعوا إلى البذل في سبيل الله والإنفاق في وجوه الخير شحوا وبخلوا، وكلما دعوا إلى مد يد المساعدة لمشروع من مشاريع النفع العام كان موقفهم منه سلبيا، ولم يمدوا أيديهم إليه - إن مدوها - إلا بعد اللتي واللُّتَيا.

وعقب كتاب الله على أوصاف المنافقين البارزة فقال تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ومن حكم عليه الحق سبحانه وتعالى بالخزي ووضعه موضع الإهمال، لم يبق مفتوحا في وجهه أي باب للأمل ولا مجال: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ} أي فيها كفايتهم: {وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ}.

وأما المؤمنون فهذه أوصافهم الخاصة ومميزاتهم التي يمتازون بها يعرضها علينا كتاب الله إذ يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ

الصفحة 406