كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

وهو نقيضه فى المعنى، الشّكران، فكما قالوا: كلّمته كلاما، وسلّمت عليه سلاما، فاستعملوهما فى موضع التكليم والتسليم، كما استعمل السّراح فى موضع التّسريح، من قوله تعالى: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً} (¬1) كذلك استعملوا سبحان فى موضع التسبيح.
قال سيبويه (¬2): وزعم أبو الخطّاب، يعنى الأخفش الكبير، أنّ سبحان الله براءة الله من السوء، وزعم أن مثله قول الأعشى (¬3):
أقول لمّا جاءنى فخره … سبحان من علقمة الفاخر
/قال: وإنما ترك التنوين فى سبحان، وترك صرفه، يعنى فى بيت الأعشى، لأنه صار عندهم معرفة.
وأقول: إنه لمّا صار علما للتسبيح، وانضمّ إلى العلميّة الألف والنون الزائدتان، تنزّل منزلة عثمان، فوجب ترك صرفه، وقد قطعوه عن الإضافة، ونوّنوه، لأنهم نكّروه، وذلك فى الشّعر، كقول أميّة بن أبى الصّلت، فيما أنشده سيبويه:
سبحانه ثم سبحانا يعود له … وقبلنا سبّح الجودىّ والجمد (¬4)
¬_________
(¬1) سورة الأحزاب 49.
(¬2) الكتاب 1/ 324.
(¬3) ديوانه ص 143 - والموضع السابق من الكتاب-والمقتضب 3/ 218، والبصريات ص 410، والخصائص 2/ 197،435،3/ 32، وتفسير الطبرى 1/ 474، وشرح المفصل 1/ 37، وشرح الكافية الشافية ص 959، والمقرب 1/ 149، والبسيط ص 286، وشرح الجمل 1/ 174، والهمع 1/ 190،2/ 52، والخزانة 3/ 397، وفهارسها 12/ 171، وغير ذلك كثير. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والستين. هذا وللراغب الأصبهانى تأويل غريب فى البيت، قال فى المفردات ص 221: «قيل: تقديره: سبحان علقمة، على طريق التهكم، فزاد فيه «من» ردّا إلى أصله، وقيل: أراد: سبحان الله من أجل علقمة، فحذف المضاف إليه». وردّه البغدادىّ فى الخزانة.
(¬4) ملحق ديوان أمية ص 332، وينسب أيضا لورقة بن نوفل، ولزيد بن عمرو بن نفيل، وانظر الكتاب 1/ 326، وشرح الكافية الشافية ص 959، والخزانة 3/ 388، وممّن نسبه إلى ورقة: مصعب فى نسب قريش ص 208. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والستين منسوبا لأمية. والجودىّ والجمد: جبلان.

الصفحة 107