كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

كالحسّ والحسيس، ومعناهما المراقبة، فانتصابهما بتقدير أقسم، فكأنك قلت:
أقسم بمراقبتك الله، /ولما أضمرت أقسم، عدّيته بنفسه، لأن الفعل إذا كان يتعدّى بالخافض وأضمر، حذف الخافض، فوصل الفعل فنصب، كما قال:
أتيت بعبد الله فى القدّ موثقا … فهلاّ سعيدا ذا الخيانة والغدر (¬1)
وهذا قليل، لأن القياس أن لا يضمر ما يتعدّى بخافض (¬2).
والقول الآخر: أنّ معنى القعد والقعيد: الرّقيب الحفيظ، من قوله تعالى:
{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ} (¬3) أى رقيب (¬4) وحفيظ، فقعد وقعيد فى هذا القول، كخلّ وخليل، وندّ ونديد، وشبه وشبيه، وإذا كان كذلك فهما من صفات القديم سبحانه وتعالى، فهو الرّقيب الحفيظ، فإذا قلت: قعدك الله وقعيدك الله، على هذا المعنى (¬5)، نصبت اسم الله على البدل.
قد انتهى القول فى حذف الفعل، للدلالة عليه، ويليه حذف الفعل مع «أمّا» وهو القسم الرابع.
حذفوا الفعل مع «أمّا» فيما حكاه سيبويه (¬6) من قولهم: أمّا أنت منطلقا انطلقت معك، وأمّا زيد ذاهبا ذهبت معه، أى لأن كان ذاهبا ذهبت معه، قال عباس بن مرداس:
أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر … فإنّ قومى لم تأكلهم الضّبع (¬7)
¬_________
(¬1) شرح الشواهد الكبرى 4/ 475 - وقال العينى: لم أقف على اسم قائله-وشرح الأشمونى 4/ 51.
(¬2) تقدم هذا كثيرا، وانظره فى آخر المجلس المتمّ الأربعين.
(¬3) سورة ق 17.
(¬4) لم ترد الواو فى هـ‍.
(¬5) ضعّف البغدادىّ هذا، إذ لم يسمع أن هذين اللفظين «قعد وقعيد» من أسماء الله تعالى. الخزانة 10/ 52.
(¬6) الكتاب 1/ 293، وانظر أيضا 3/ 101،149،332.
(¬7) فرغت منه فى المجلس الخامس.

الصفحة 114