الطاعة، وإذا كان ما بعدها غاية لما قبلها، كانت بمعنى إلى أن، كقولك:
لأنتظرنّك حتى تغيب الشّمس، تريد: إلى أن تغيب الشمس، فغيبوبة الشمس غاية لانتظاره له.
فإن كان الفعل بعد «حتى» حالا، رفعته، لأن العوامل لا تعمل فى الفعل الحاضر، وعلى هذا مثّل النحويون رفعه بقولهم: سرت حتّى أدخلها، إذا قلت هذا وأنت فى الدّخول، وكذلك: شربت الإبل حتّى يجيء البعير يجرّ بطنه، ترفع «يجيء»، إن أردت به: يجيء (¬1) الآن، أو أردت به المضىّ، وتكون حكاية حال قد مضت، وعلى هذا قراءة من قرأ: {وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ} (¬2) رفعا، معناه: حتى قال.
وأمّا اللام فعلى ضربين: لام كى، ولام الجحد، فلام كى، مثالها قولك:
زرنى لأكرمك، التقدير: لأن أكرمك، والمعنى كي أكرمك، ولو أظهرت «أن» هاهنا كان حسنا، لأنّ اللام فى هذا النحو لام العلّة التى يحسن إظهارها، فى قولك: جئته مخافة شرّه، وفى قول الشاعر:
متى تفخر ببيتك فى معدّ … يقل تصديقك العلماء جير (¬3)
الأصل: لمخافة شرّه، ولتصديقك، أى يقولون: نعم ليصدّقوك.
ولام الجحد كقولك: ما كان زيد ليكرمك، والتقدير: لأن يكرمك، ولا يجوز إظهار «أن» هاهنا، ومثله فى التنزيل: {وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ} (¬4) قال علىّ ابن عيسى الرّمّانىّ: هذه لام الجحد، وأصلها لام الإضافة، والفعل بعدها نصب
¬_________
(¬1) الكتاب 3/ 18.
(¬2) سورة البقرة 214. وقراءة الرفع لنافع، وهى قراءة أهل الحجاز، كما ذكر سيبويه فى الكتاب 3/ 25، وانظر السبعة ص 181، ومعانى القرآن للزجاج 1/ 286، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 255، والبحر 2/ 140، وقد تكلم أبو زكريا الفراء كلاما عاليا جيدا على «حتى» فى معانى القرآن 1/ 132 - 138.
(¬3) لم أعرفه، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس السادس والسبعين.
(¬4) سورة البقرة 143.