قوله: {ذلِكَ ما كُنّا نَبْغِ} (¬1) وأنشد أبو بكر محمد بن السّرىّ (¬2)، هذا البيت، وأنشد معه لمتمّم بن نويرة (¬3):
على مثل أصحاب البعوضة فاخمشى … لك الويل حرّ الوجه أويبك من بكى
أراد: أو ليبك، فحذف اللام، قال أبو بكر: وقال أبو العباس (¬4): لا أرى ذا على ما قالوه، لأنّ عوامل الأفعال لا تضمر، وأضعفها الجازمة، لأنّ الجزم فى الأفعال نظير الخفض فى الأسماء، ولكن بيت متمّم يحمل على المعنى، لأن قوله:
«فاخمشى» فى موضع «فلتخمشى» فعطف (¬5) «يبك» على المعنى، فكأنه قال:
فلتخمشى أو يبك. وأما البيت الآخر، فليس بمعروف، يعنى قول القائل:
محمد تفد نفسك كلّ نفس
قال أبو بكر (¬6): «على أنه فى كتاب سيبويه على ما ذكرت لك» يعنى أن سيبويه قدّر فيه إضمار اللام.
قوله: «تبالا» التّبال: الإهلاك، تبلهم الدهر: أفناهم.
...
¬_________
(¬1) سورة الكهف 64، وقرأ ابن كثير نَبْغِي بياء فى الوصل والوقف. وقرأ نافع وأبو عمرو، والكسائى، بياء فى الوصل. وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة، بحذف الياء فى الحالين. السبعة ص 403، وزاد المسير 5/ 167، والإتحاف 2/ 219. وستأتى مرة أخرى فى المجلس الثالث والخمسين.
(¬2) ابن السّراج، فى الأصول 2/ 157،174.
(¬3) ديوانه ص 84، والكتاب 3/ 9، والمقتضب 2/ 132، والتبيين ص 179، وشرح أبيات المغنى 4/ 339، والخزانة 9/ 12، وغير ذلك مما تراه فى حواشى ما ذكرت. والبعوضة: اسم موضع بنجد، قتل فيه مالك أخو الشاعر ورجال من قومه.
(¬4) المقتضب 2/ 133، والأصول 2/ 175.
(¬5) الذى فى المقتضب والأصول: «فعطف الثانى على المعنى». وعبارة «فكأنه قال: فلتخمشى أو يبك» تفسير من ابن الشجرى، ولم تأت فى كتابى المبرد وابن السرّاج.
(¬6) هذا كلام المبرد نفسه فى المقتضب، وحكاه ابن السرّاج.