فصل
فى الفرق بين: هم يدعون، وهنّ يدعون (¬1).
أمّا هم يدعون، فقد قدّمت أن لام الفعل حذفت لسكونها وسكون واو الإضمار، فوزنه: يفعون، والنون فيه علامة رفع الفعل، يحذفها الجازم والناصب.
والواو فى قولك: هنّ يدعون، لام الفعل، كالجيم من يخرجن، والنون ضمير جمع المؤنّث، تثبت فى الأحوال/الثلاث، ألا تراها ثبتت فى موضع النصب، فى قوله تعالى: {إِلاّ أَنْ يَعْفُونَ} (¬2) فيعفون هاهنا: يفعلن.
ونعود إلى ذكر حروف العلّة، فنقول: إنهنّ يحذفن لالتقاء الساكنين، فى نحو: {قَضَى اللهُ} (¬3) و {قالُوا الْآنَ} (¬4) و «يقضى الحقّ» (¬5).
ويحذفن من نحو: يخاف ويقول ويبيع، إذا سكنت اللام للجزم أو الوقف،
¬_________
(¬1) انظر الفرق بين هاتين النّونين فى الكتاب 1/ 20، ومعانى القرآن 1/ 155، وكتاب الشعر ص 192، والحلبيات ص 87،88، والدر المصون 2/ 493، وحواشيه. وشذور الذهب ص 61،62 (إعراب الأفعال الخمسة).
(¬2) سورة البقرة 237.
(¬3) سورة الأحزاب 36.
(¬4) سورة البقرة 71.
(¬5) سورة الأنعام 57، و «يقضى» بالضاد المعجمة هكذا جاءت فى النسختين، وهى قراءة أبى عمرو وحمزة وابن عامر والكسائى. وقرأ يَقُصُّ بالصاد المهملة: ابن كثير ونافع وعاصم. السبعة ص 259، ومعانى القرآن 1/ 337، وتفسير الطبرى 11/ 399، والكشف 1/ 434، والإتحاف 2/ 14. بقى شيء، وهو أن «يقضى» رسمت فى النسختين من الأمالى، هكذا بإثبات الياء، وخقّها الحذف لموافقة الرسم العثمانى، وكأنما جاء ذلك لبيان الأصل قبل الحذف. وقال مكّى فى الكشف: «وأصلها أن يتصل بها ياء؛ لأنه فعل مرفوع، من القضاء، لكنّ الخطّ بغير ياء-يعنى خطّ المصحف-فتكون الياء حذفت لدلالة الكسر عليها». وقال الزجاج فى معانى القرآن 2/ 256: «هذه كتبت هاهنا بغير ياء على اللفظ؛ لأن الياء أسقطت لالتقاء الساكنين، كما كتبوا: سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ بغير واو».