فقلت: إنّ له وجها يخرجه من الإقواء، فقال: ما هو؟ قلت: نصب «بشاشة» وحذف التنوين منها لالتقاء الساكنين، لا للإضافة، فتكون بهذا التقدير نكرة منتصبة على التمييز، ثم رفع «الوجه» وصفته بإسناد «قلّ» إليه، فيصير اللفظ:
«وقلّ بشاشة الوجه المليح»، والأصل: بشاشتن الوجه المليح (¬1)، فقال: ارتفع، فرفعنى حتى أقعدنى إلى جنبه.
هذا حكم التنوين.
فأما النّون فقد حذفوها ساكنة ومتحرّكة، فمن حذف الساكنة، حذف نون التوكيد الخفيفة، بعوض وبغير عوض، فحذفها بعوض يكون إذا وقفت عليها فى نحو: يا رجل قوما، ويا زيد اخرجا، أبدلت منها الألف، كما أبدلته من التنوين، فى نحو: رأيت زيدا، وكذلك: {لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ} (¬2) تقف عند انقطاع نفسك على الألف، ومنه قول الأعشى (¬3):
وصلّ على حين العشيّات والضّحى … ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا
وقول آخر، فى وصف وطب مملوء لبنا، ملفوف فى غشاء:
يحسبه الجاهل ما لم يعلما … شيخا على كرسيّه معمّما (¬4)
¬_________
(¬1) قال أبو العلاء المعرى: «هذا الوجه الذى قاله أبو سعيد شرّ من إقواء عشر مرّات فى القصيدة الواحدة». وكان أبو العلاء قد ذكر رواية أخرى لا إقواء معها: وغودر فى الثّرى الوجه المليح
(¬2) سورة العلق 15.
(¬3) ديوانه ص 137. والبيت فى رواية ابن الشجرى ملفق من بيتين وردا فى الديوان هكذا: وذا النّصب المنصوب لا تنسكنّه ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا وصلّ على حين العشيات والضحى ولا تحمد الشيطان والله فاحمدا وانظر الكتاب 3/ 510، وسر صناعة الإعراب ص 678، والتبصرة ص 433، والإنصاف ص 657، وشرح المفصل 9/ 39،88،10/ 20، والمغنى ص 372، وشرح أبياته 6/ 162، وغير ذلك كثير. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس المتمّ السبعين.
(¬4) اختلف فى قائله، فقيل: ابن جبابة اللصّ، وقيل غيره. راجع الكتاب 3/ 516، -