كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

وممّا حذفوا نونه، وعوّضوا منها فى موضعها ألفا، قولهم: «جرنفش» (¬1) وهو العظيم الجنبين، «وشرنبث» وهو الغليظ الكفّين، قالوا فيهما: جرافش وشرابث.
وكذلك حذفوا النون من قولهم: «شنذارة»، وهو السيّئ الخلق، وعوّضوا منها الهمزة، فقالوا: شئذارة، وحذفوا النون من «قنفخر» وهو الضّخم (¬2) من الرجال، وعوّضوا منها ألفا، فى غير موضعها، فقالوا: قفاخرىّ.
ومن حذفها اضطرارا حذفها فى قول النّجاشى (¬3):
فلست بآتيه ولا أستطيعه … ولاك اسقنى إن كان ماؤك ذا فضل
كان حقّها أن يحرّكها، لولا الضرورة.
وممّا حذفوها منه استحسانا، وتشبيها لها بحروف المدّ واللّين لفظة «يكون» (¬4)]، وذلك إذا سكنت للجزم فى نحو: لم يكن، ولا تكن، كقولك: لم يك جالسا، وكقوله تعالى: {وَإِنْ يَكُ كاذِباً} (¬5) وكذلك قولك: لا تك فى شكّ، وقوله تعالى:
{وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ} (¬6) وإنما حذفوها فى هذا الحرف، لكثرة استعماله، كما يحذفون حروف العلّة، فى قولهم: لم يخش ولم يدع ولا ترم، ولم يحذفوها من نظائر هذا الفعل، أعنى ما وازنه ولامه نون، نحو يصون ويهون، فيقولوا: /لم يص نفسه، وذلك لقلة استعماله.
¬_________
(¬1) فى الكتاب 4/ 323، والحلبيات ص 377: «جرنفس» بالسين المهملة، وكلاهما صحيح.
(¬2) وقال ابن الدهان: «قنفخر: فائق فى نوعه». شرح أبنية سيبويه ص 145، وراجع الكتاب 4/ 297،324.
(¬3) هو قيس بن عمرو بن مالك الحارثىّ كان فاسقا رقيق الإسلام، أقام عليه علىّ كرّم الله وجهه، الحدّ؛ لإفطاره فى رمضان. الشعر والشعراء ص 329. والبيت الشاهد فى الكتاب 1/ 27، وقد استقصيت تخريجه فى كتاب الشعر ص 113، وانظر ضرورة الشعر ص 99،216، والجمل المنسوب للخليل ص 214.
(¬4) الكتاب 4/ 405، واللسان (كون).
(¬5) سورة غافر 28.
(¬6) سورة النحل 127.

الصفحة 167