كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

وأقول: إنّ كلّ واحد من هذين المذهبين، مذهبى الخليل والفرّاء، وكذلك ما قاله أبو سعيد، من أن التقدير: تنبّه؛ إنّ الله يبسط الرزق. [كلهنّ يخرّج على ما قاله المفسّرون، وأنّ معنى قوله: ويكأنّ الله يبسط الرزق (¬1).] معناه: ألم تر أنّ الله يبسط الرزق، وشاهد ذلك قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} (¬2) فهذا تنبيه على قدرته، وتقرير بها.
وقال غير هؤلاء من اللغويين: هى ويك، بمعنى (¬3): ويلك، وحذفت اللام لكثرة استعمال هذه اللفظة فى الكلام، «وأنّ» من قوله: {وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} مفتوحة، بإضمار اعلم، واحتجّوا بقول عنترة (¬4):
ولقد شفى نفسى وأبرأ سقمها … قيل الفوارس ويك عنتر أقدم
فالكاف على هذا القول ضمير، فلها موضع من الإعراب.
وقال آخرون (¬5): هي وى: اسم للفعل، ومعناها: أتعجّب، كما تقول: وى لم فعلت هذا؟ فالكاف فى هذا الوجه حرف للخطاب، كالكاف فى رويدك، فهى
¬_________
(¬1) ما بين الحاصرتين من هـ‍، وليس فى الأصل والخزانة.
(¬2) سورة الحج 63.
(¬3) وصف أبو إسحاق الزجاج هذا القول بأنه غلط عظيم. راجع معانى القرآن 4/ 156، وأنكره ابن جنى أيضا، فقال: «وهذا يحتاج إلى خبر نبىّ ليقبل» المحتسب 2/ 156، وقد نسب هذا القول للكسائى. راجع الخصائص 3/ 170، والجنى الدانى ص 353، وهو مخالف لما حكاه عنه ابن الشجرى من قبل.
(¬4) من معلقته المعروفة. راجع شرح القصائد السبع ص 359، وشرح القصائد التسع ص 533، وفيهما كلام كثير حول «ويكأنّ». وانظر الخزانة 6/ 421، وشرح أبيات المغنى 6/ 148.
(¬5) نسب هذا القول لأبى الحسن الأخفش، على ما فى العضديات والخصائص والجنى الدانى، وليس فى الموضع السابق من معانى القرآن.

الصفحة 184