كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

عليه خبر كان المظهر، ويقدّر المحذوف بلفظ المذكور (¬1)، وهو القياس، ونظير ذلك فى حذف الخبر لدلالة الخبر الآخر عليه، وهما من لفظ واحد، قول الشاعر (¬2):
/نحن بما عندنا وأنت بما … عندك راض والرأى مختلف
أراد: نحن بما عندنا راضون، فحذفه لدلالة راض عليه، ومثله فى دلالة أحد الخبرين على الآخر، فى التنزيل: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} (¬3) التقدير: والله أحقّ أن يرضوه، ورسوله أحقّ أن يرضوه، ولو كان خبرا عنهما لكان: يرضوهما (¬4).
فالتقدير على هذا: وكان شرّك كفافا، وهذا على أن يكون «ارتوى» مسندا إلى مرتوى.
وذهب أبو عليّ (¬5) إلى أن الخبر مرتو، وكان حقّه مرتويا، ولكنه أسكن الياء
¬_________
(¬1) حكى البغدادىّ عن الرضيّ وابن الحاجب فى أماليه-ولم أجده فى المطبوع منها-أن «كفافا» خبر عن الخير والشرّ معا. قال ابن الحاجب: «أى ليت خيرك وشرّك بالنسبة إلىّ لا يفضل أحدهما عن الآخر؛ لأن الكفاف هو الذى ليس فيه فضل. يريد: إن شرّك زائد على خيرك، فأنا أتمنّى لو كان غير زائد». ثم عقّب البغدادىّ: «وفيه ردّ على ابن الشجرى، فى زعمه أن كفافا إنما هو خبر خيرك، وخبر شرّك محذوف مدلول عليه بالمذكور».
(¬2) هو عمرو بن امرئ القيس، جاهلىّ قديم. وهذا بيت دائر فى كتب العربية. انظر الكتاب 1/ 75، ومعانى القرآن للفراء 1/ 434،445،2/ 363،3/ 77، وللأخفش ص 82،330، ومجاز القرآن 1/ 258، وتأويل مشكل القرآن ص 289، والمقتضب 3/ 112،4/ 73، وتفسير الطبرى 14/ 229، والإنصاف ص 95، والمغنى ص 622، وشرح أبياته 7/ 299. وينسب إلى قيس بن الخطيم. انظر زيادات ديوانه ص 173، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس التالى والسابع والسبعين.
(¬3) سورة التوبة 62.
(¬4) وهذا منهى عنه شرعا، أن يجمع بين الله ورسوله فى ضمير واحد. ففى حديث عدى بن حاتم أن رجلا خطب عند النبى صلّى الله عليه وسلم: فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعضهما فقد غوى. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعص الله ورسوله»: صحيح مسلم (باب تخفيف الصلاة والخطبة من كتاب الجمعة) ص 594، ومسند أحمد 4/ 256، وتفسير القرطبى 14/ 232 (تفسير الآية 56 من سورة الأحزاب). وانظر كتاب الشعر ص 316 وحواشيه.
(¬5) نصّ البغدادىّ على أن أبا علىّ ذكره فى التذكرة. الخزانة 10/ 472، وانظر الإيضاح ص 123، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 143، وما سبق فى المجلس الثامن والعشرين.

الصفحة 20