فإذا استعملوا مضارعه، ردّوا عينه، فجاءوا به على يفعل، دون يفلع، فقالوا: يرأى، مثل يرعى، وهى من اللّغات القليلة الاستعمال، لقلّة مستعمليها.
وممّا التزموا فيه حذف همزته، وهي عين، كما التزموا حذفها فى يرى/ ونظائره (¬1) [قولهم] ملك، أصله: ملأك، مفعل من الألوك (¬2)، وهى الرسالة، فألقوا حركة الهمزة على اللام، ثم حذفوها، واستمرّ ذلك فى استعمالهم إيّاه، ولم يردّوها إلاّ فى الجمع، ولم يأت ردّها فى الأصل الذى هو الواحد إلاّ نادرا فى الشّعر، كقوله:
فلست لإنسىّ ولكن لملأك … تنزّل من جوّ السّماء يصوب (¬3)
كما جاء فى النادر:
أرى عينىّ ما لم ترأياه … كلانا عالم بالتّرّهات (¬4)
¬_________
(¬1) ليس فى هـ.
(¬2) بهامش الأصل حاشية: «قوله «من الألوك» يوجب أن يكون مألك، وإنما يجب أن يكون مقلوبا، ويكون وزنه على القلب: معفل. والكلام فيه يطول» انتهت الحاشية، وقد تكلم ابن الشجرى على الخلاف فى أصل «ملك» بتفصيل فى المجلس الثانى والسبعين.
(¬3) ينسب هذا الشاهد إلى علقمة الفحل، وإلى متمّم بن نويرة، وينسب إلى غيرهما. راجع ذيل ديوان علقمة ص 118، وتخريجه فى ص 158، وديوان مالك ومتمم ص 87، وانظر الأصول 3/ 339، ومعانى القرآن للزجاج 1/ 112، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 402، وتفسير القرطبى 1/ 263، وأنشده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والسبعين.
(¬4) قائله سراقة البارقى. ديوانه ص 78، ونوادر أبى زيد ص 496، والحلبيات ص 84، وسر صناعة الإعراب ص 77، والخصائص 3/ 153، والمحتسب 1/ 128، والصاهل والشاحج ص 588، وشرح المفصل 9/ 110، وشرح الملوكى ص 370،372، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 89، والممتع ص 621، والمغنى ص 277، وشرح أبياته 2/ 179،5/ 133،139، وشرح شواهد الشافية ص 322، وطبقات الشافعية 9/ 330، واللسان (رأى)، وغير ذلك. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الرابع والستين. قال أبو القاسم الزّجاجى فى أماليه ص 88: «أما قوله: «ما لم ترأياه» فإنه ردّه إلى أصله، والعرب لم تستعمل أرى ويرى وترى ونرى إلاّ بإسقاط الهمزة تخفيفا، فأما فى الماضى فالهمزة مثبتة، وكان المازنىّ يقول: الاختيار عندى أن أرويه «لم ترياه» [يعنى بفتح الراء]، لأن الزحاف أيسر من ردّ هذا إلى أصله».