كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

[الجواب عن] المسألة الثامنة
قول أبى على: «أخطب (¬1) ما يكون الأمير قائما» أخطب من باب أفعل الذى هو بعض ما يضاف إليه، كقولك: زيد أكرم الرجال، وحمارك أفره الحمير، والياقوت أفضل الحجارة، فزيد بعض الرجال، والحمار بعض الحمير، والياقوت بعض الحجارة، ولا تقول: الياقوت أفضل الزّجاج، لأنه ليس (¬2) منه، كما لا تقول: حمارك أحسن الرجال، وإذا ثبت هذا، فإن «ما» التى أضيف إليها «أخطب» مصدريّة زمانية، كالتى فى قوله تعالى: {خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ} (¬3) أى مدّة دوام السموات، فقوله: أخطب ما يكون الأمير، تقديره: أخطب أوقات كون الأمير، كما قدّرت في الآية مدّة دوام السموات، أو مدد دوام السموات، فقد صار أخطب بإضافته/إلى الأوقات فى التقدير وقتا، لما مثّلته لك من كون أفعل هذا بعضا لما يضاف إليه، وإضافة الخطابة إلى الوقت توسّع وتجوّز، كما وصفوا الليل بالنوم، فى قولهم: نام ليلك، وذلك لكون النوم فيه، قال:
لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السّرى … ونمت وما ليل المطيّ بنائم (¬4)
ومثله إضافة المكر إلى الليل والنهار فى قوله عز وجل: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} (¬5) وإنما حسن إضافة المكر إليهما لوقوعه فيهما، والتقدير: بل مكركم فى الليل والنهار.
¬_________
(¬1) تقدم فى المجلس السادس، والحادى عشر. وانظر أيضا الفصول الخمسون ص 188، وتذكرة النحاة ص 654، وشرح الأشمونى 1/ 218 (باب المبتدأ والخبر).
(¬2) راجع مبحث (أفعل لا يضاف إلاّ إلى ما هو بعضه) فى المقتضب 3/ 38، والأصول 2/ 6، والإيضاح ص 270،271، والشعر صفحات 179،180،182،217، والخصائص 3/ 333.
(¬3) سورة هود 107،108.
(¬4) فرغت منه فى المجلس السادس.
(¬5) سورة سبأ 33.

الصفحة 29