كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

{وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ} (¬1) أراد: وإذا يقول الله، لأنّ هذا القول إنما يوجّه من الله تعالى إلى عيسى بن مريم عليه السلام فى يوم البعث، وممّا جاء من ذلك فى الشّعر قول الطّرمّاح:
وإنّى لآتيكم تشكّر ما مضى … من البرّ واستيجاب ما كان فى غد (¬2)
أوقع كان فى موضع يكون، وجاء بعكس ذلك قول زياد الأعجم:
فإذا مررت بقبره فاعقر به … كوم الهجان وكلّ طرف سابح (¬3)
وانضح جوانب قبره بدمائها … فلقد يكون أخادم وذبائح
أراد: فلقد كان.
قال أبو الفتح عثمان (¬4) بن جنى: قال لى أبو على: سألت يوما أبا بكر، يعنى ابن السرّاج، عن الأفعال؛ يقع بعضها موقع بعض، فقال: كان ينبغى للأفعال كلّها أن تكون مثالا واحدا، لأنها لمعنى واحد، ولكن خولف بين صيغها، لاختلاف أحوال الزمان، فإذا اقترن بالفعل ما يدلّ عليه، من لفظ أو حال/جاز وقوع بعضها فى موقع بعض.
قال أبو الفتح: وهذا كلام من أبى بكر عال سديد (¬5).
...

بيت
ومن يك باديا ويكن أخاه … أبا الضّحّاك ينتسج الشّمالا (¬6)
¬_________
(¬1) سورة المائدة 116.
(¬2) فرغت منه فى المجلس السابع. وقوله: «من البرّ» يروى «من الأمس» و «من الودّ».
(¬3) وهذا أيضا سبق فى المجلس السابع.
(¬4) فى الخصائص 3/ 331، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والستين. وهذا الكلام عن وقوع الأفعال، بعضها موقع بعض، تقدم فى المجلسين: السابع والعاشر.
(¬5) فى هـ‍: «بحال شديد» وتحت الحاء حاء صغيرة، علامة الإهمال. وهو تصحيف، صوابه فى الأصل، هنا، وفى المجلس الثانى والستين، ونضرة الإغريض ص 284، والخزانة 10/ 4، حكاية عن ابن الشجرى. ولم يرد هذا الكلام فى الموضع المذكور من الخصائص.
(¬6) نسبه السيوطىّ إلى زهير بن مسعود الضبى-جاهلى-مع بيتين منهما ذلك الشاهد السيّار: فخير نحن عند الناس منكم إذا الداعى المثوّب قال يالا -

الصفحة 35