كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

قوله: {هُوَ خَيْراً لَهُمْ} هو: ضمير البخل، والبخل هو المفعول الأول، الذى يقتضيه {يَحْسَبَنَّ} وحسن حذفه لدلالة {يَبْخَلُونَ} عليه، وقوله:
{هُوَ} يسمّى عمادا عند الكوفيين، وفصلا عند البصريين.
ومثل ذلك فى إضمار المصدر الذى دلّ عليه فعله قوله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (¬1) أى يرض الشّكر، وكذلك أضمر المصدر فى قوله جلّ جلاله: {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً} (¬2) أى فزادهم قول الناس إيمانا.
ومما قدّر له فاعل من لفظه «بدا» فى قوله تعالى جدّه: {ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} (¬3) التقدير: ثم بدا لهم بداء (¬4)، لا بدّ من تقدير هذا الفاعل، لأن الفعل مطالب بفاعله، ولا يصحّ إسناده إلى {لَيَسْجُنُنَّهُ} لأن إسناد الفعل إلى الفعل مستحيل، ولمّا لم يكن للفعل مندوحة عن إسناده إلى فاعل، أو ما يقوم مقام الفاعل، كالمفعول فى/نحو ضرب زيد، أسند بدا إلى الفاعل الذى أظهره الشاعر فى قوله (¬5):
لعلك والموعود حقّ لقاؤه … بدا لك فى تلك القلوص بداء
¬_________
= وقال أبو جعفر النحاس عن قراءة التاء «تحسبن» التى قرأ بها حمزة، إنها بعيدة جدا. إعراب القرآن 1/ 381. وانظر معانى القرآن للفراء 1/ 104،248، وللزجاج 1/ 492،493. وتفسير الطبرى 7/ 431، ونصر قراءة التاء هذه، والسبعة ص 220، والكشف 1/ 366، ومشكل إعراب القرآن 1/ 168، والبحر 3/ 128، وتفسير القرطبى 4/ 290.
(¬1) سورة الزمر 7.
(¬2) سورة آل عمران 173.
(¬3) سورة يوسف 35.
(¬4) وإلى هذا ذهب المبرد. راجع مشكل إعراب القرآن 1/ 430، والبيان 2/ 41، وتفسير القرطبى 9/ 186، وانظر كتاب الشعر وحواشيه صفحات 225،442،506،507،512.
(¬5) هو محمد بن بشير الخارجى-نسبة إلى خارجة بن عدوان بن عمرو-من شعراء الدولة الأموية. انظر شعره ص 171، ضمن شعراء أميون، الجزء الثالث، ونسب إلى الشماخ. ملحق ديوانه ص 427، وانظر كتاب الشعر ص 225، ومعجم الشواهد ص 20.

الصفحة 37