كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

على المعنى، كما تقول: جاء الفريقان متسلّحين، وجاء الجيشان متفرّقين.
وأما مجىء الحال أعنى طائعين، بلفظ جمع التذكير، ففيه قولان:
أحدهما: أن الأشياء التى أخبر (¬1) [الله عنها بأنها خوطبت وخاطبت، كالسماء والأرض، والأشياء التى أخبر] عنها بالسجود، فى قوله: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} (¬2) والنملة التى أخبر الله عنها بأنها تكلّمت فقالت: {يا أَيُّهَا النَّمْلُ اُدْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ} (¬3) والنّمل التى فهمت ذلك الكلام، أجريت كلّها مجرى العقلاء، لأن الخطاب والإجابة عنه مما يختصّ به العقلاء، وكذلك السجود والكلام وفهمه، ممّا يوصف به ذوو العقول، فلذلك قال: طائعين، ولم يقل: طائعات، وقال: {رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ}، ولم يقل: رأيتها لى ساجدات، وقال فى خطاب النملة (¬4) [للنمل] {اُدْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ} ولم يقل: ادخلن مساكنكنّ لا يحطمنّكنّ.
والقول الآخر فى طائعين: أن المراد أتينا نحن ومن فينا طائعين، والقول الأول أشبه.
وأما قوله: {طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} فطوعا وكرها مصدران، وضعا فى موضع الحال، كقولك: جئته ركضا (¬5) [أى راكضا] وقتلته صبرا، أى مصبورا، والمصبور المحبوس، قال عنترة:
فصبرت عارفة لذلك حرّة … ترسو إذا نفس الجبان تطلّع (¬6)
¬_________
(¬1) سقط من هـ‍.
(¬2) سورة يوسف 4.
(¬3) سورة النمل 18.
(¬4) سقط من هـ‍.
(¬5) وهذا أيضا سقط من هـ‍.
(¬6) تقدم فى المجلس الثانى والعشرين.

الصفحة 49