كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

فهى فى التزامها للصّلة مخالفة للاستفهاميّة والشّرطيّة، فمن ذلك قوله تعالى: {إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ} (¬1) المعنى: إن الذى صنعوه.
وحقّها إذا جاءت بعد «إنّ» أن تكتب منفصلة للفرق بينها وبين «ما» الكافّة فى نحو: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ} (¬2) ولكنها جاءت على غير القياس متّصلة فى قوله تعالى: {إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ} وجاءت على القياس منفصلة فى قوله: {إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ} (¬3).
فأما قوله جلّ وعز: {ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} (¬4) فقرأ أبو عمرو:
«آلسّحر»؟ بمدّ الألف، وقرأه الباقون خبرا، ف‍ «ما» على قراءة أبى عمرو استفهاميّة، وهى فى محلّ الرفع بالابتداء، والجملة التى هى {جِئْتُمْ بِهِ} الخبر، وقوله: «آلسّحر» فى رفعه قولان، أحدهما: قول أبى علىّ، وهو أن يكون بدلا من «ما» فإذا قدّرت إيقاعه فى موضع «ما» صار: أالسّحر جئتم به؟
/والقول الآخر: أن تجعله خبر مبتدأ محذوف، تقديره: أهو السّحر؟ وإن شئت: أالسّحر هو؟ تقدّره خبرا.
فإن قيل: ما وجه الاستفهام مع علم موسى أنه سحر؟
فإنّه على وجه التقرير (¬5)، كما قال: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ} (¬6) وهذا يقع فى الكلام كثيرا.
¬_________
(¬1) سورة طه 69.
(¬2) سورة الرعد 7، بتنوين الراء، وسورة النازعات 45، بغير تنوين. وراجع هذه القاعدة فى أدب الكاتب لابن قتيبة ص 235، وأدب الكتّاب للصولى ص 258، وكتاب الكتّاب لابن درستويه ص 51.
(¬3) سورة الأنعام 134. وانظر المقنع ص 73، وجمال القرّاء ص 639.
(¬4) سورة يونس 81. وراجع السبعة ص 328، والإتحاف 2/ 118.
(¬5) راجع مشكل إعراب القرآن 1/ 389، والكشف 1/ 521.
(¬6) سورة المائدة 116.

الصفحة 549