منتظرين، قال: «ولا يجوز الخفض فى غير، لأنها إذا كانت نعتا لطعام، لم يكن بدّ من إظهار الفاعل، فلا يجوز إلاّ: غير ناظرين إناه أنتم». أراد أن غيرا مضاف إلى اسم الفاعل، فلو وصف به الطعام أجرى (¬1) على غير من هو له، فوجب إبراز الضمير الذى فى ناظرين.
ومعنى إناه: نضجه (¬2) وبلوغه، يقال: أنى يأنى إنى: إذا نضج وبلغ، وقد جاء نظرت بمعنى انتظرت، وهذا منه، ومنه: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} (¬3) أى ينتظرون.
واعلم أن الكوفيين خالفوا البصريين، فى التزام إبراز الضمير إذا جرى على غير من هو له، خبرا أو نعتا، واحتجّوا بقول الأعشى (¬4):
وإنّ امرأ أسرى إليك ودونه … من الأرض موماة ويهماء سملق
¬_________
(¬1) قال مثل هذا الزمخشرى فى الكشاف 3/ 270، وانظر مشكل إعراب القرآن 2/ 200، فقد بسط مكىّ الكلام فيه، والبيان لأبى البركات 2/ 272، والتبيان للعكبرى ص 1060.
(¬2) بلسان أهل المغرب. قاله الزركشى فى البرهان 1/ 288، وذكر السّيوطى فى كتابه المهذب فيما وقع فى القرآن من المعرب، ص 74 «قال شيذلة فى البرهان: إناه نضجه، بلسان أهل المغرب، وقال أبو القاسم فى لغات القرآن: بلغة البربر». ويرى مكى أن «إناه» مقلوب عن «آن» قال: «إناه ظرف زمان، أى وقته، وهو مقلوب من «آن» الذى بمعنى الحين، قلبت النون قبل الألف، وغيرت الهمزة إلى الكسر، فمعناه: غير ناظرين آنه، أى حينه، ثم قلب وغيّر على ما ذكرنا». وقيل إن «آن» مقلوب عن «أنى»، وردّه بعضهم، جاء فى اللسان «آن الشىء أينا: حان، لغة فى «أنى» وليس بمقلوب عنه لوجود المصدر، وقال: ألمّا يئن لى أن تجلّى عمايتى وأقصر عن ليلى بلى قد أنى ليا فجاء باللغتين جميعا». اللسان (أين-أنى) والمصباح (أنى).
(¬3) سورة الزخرف 66.
(¬4) ديوانه ص 223، والتصحيف والتحريف ص 306، والموشح ص 72، والإنصاف ص 58، والخزانة 3/ 252،5/ 291، واللسان (حقق). والبيت الثانى، وهو موضع الاستشهاد فى البصريات ص 526، ومقاييس اللغة 2/ 18.