{أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} (¬1) أي فى كلّ حين خبت، وفى كل حين نضجت جلودهم، وفى كلّ حين أضاء لهم، ومنه قول الشاعر (¬2):
منّا الذى هو ما إن طرّ شاربه … والعانسون ومنّا المرد والشّيب
قال ابن السّكّيت: يريد حين أن طرّ شاربه (¬3)، يقال: رجل عانس، وهو الذى أخّر التزويج بعد ما أدرك.
فهذه وجوه «ما» التى استعملتها العرب اسما.
والضّرب السابع: أن يكون حرفا نافيا، يرفع الاسم وينصب الخبر، فى اللغة الحجازيّة، تشبيها لها بليس؛ وذلك لدخولها على جملة الابتداء والخبر، كدخول «ليس» عليها؛ ولأنها تنفى ما فى الحال كما تنفيه «ليس» ويدخلون على خبرها الباء، كما يدخلونها على خبر «ليس» كقولك: ما زيد بقائم {وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ} (¬4).
¬_________
(¬1) سورة البقرة 20.
(¬2) أبو قيس بن رفاعة الواقفى، واسمه دثار. وقيل: قيس بن رفاعة. جاهلىّ من شعراء يهود المدينة. قيل: أدرك الإسلام فأسلم. طبقات فحول الشعراء ص 288، ومعجم الشعراء للمرزبانى ص 197، وعنه الإصابة 5/ 468. والبيت الشاهد فى إصلاح المنطق ص 341، وتهذيبه ص 713 - وانظر تفسيره وإعرابه-وخلق الإنسان للأصمعى ص 161، ولثابت ص 19، والسمط ص 56،702، والمخصص 1/ 36، 16/ 123، والمقاييس 3/ 409،4/ 156، والمغنى ص 304، وشرح أبياته 5/ 242. و «إن» فى البيت تروى بفتح الهمزة وكسرها، كما فى تهذيب إصلاح المنطق.
(¬3) لم أجد هذا الكلام فى إصلاح المنطق، والبيت ذكره ابن السّكّيت فى معرض شرح «العانس». وقال العلامة البغدادىّ، فى شرح أبيات المغنى: «وقد فتشت تصانيف ابن السّكّيت لأقف على كلامه هذا فلم أقف عليه، وقد راجعت كتاب أبيات المعانى، وكتاب الألفاظ، وكتاب المذكّر والمؤنث، فلم أجد هذا البيت فى واحد منها، وإنما رأيته فى كتاب إصلاح المنطق». قلت: تعقّب ابن هشام ابن الشجرى فيما ذهب إليه من اعتبار «ما» اسميّة بمعنى «الحين». وقد ظهر لى أن هذا الذى ذهب إليه ابن الشجرى والشواهد التى ساقها، والحكاية عن ابن السّكيت إنما سلخه كلّه من كلام الهروى فى الأزهية-الموضع المذكور من قبل-وقد ذكرت ذلك فى قسم الدراسة. الفقرة (57) من آراء ابن الشجرى النحوية.
(¬4) سورة الأنعام 132، وهود 123.