{يَوْمِكُمْ هذا} (¬1) أى بنسيانكم. وقال عبد بنى الحسحاس (¬2):
ألكنى إليها عمرك الله يا فتى … بآية ما جاءت إلينا تهاديا
أى بآية مجيئها، فأمّا قول الله سبحانه: {قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِما غَفَرَ لِي رَبِّي} (¬3) فقال الكسائىّ: معناه بمغفرة ربّى، وذهب أهل التفسير إلى أن المعنى: بأيّ شيء غفر لى ربّى؟ جعلوا (¬4) «ما» استفهاما، واحتجّ الكسائىّ بأنها لو كانت استفهاما لحذفت ألفها لاتّصالها بحرف الخفض (¬5).
وقوله عزّ وجلّ: {فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ} (¬6) فيه قولان، أحدهما: أن «ما» مصدريّة، فالكلام فى هذا القول على وجهه، والتقدير: فاصدع بالأمر.
والقول الآخر: أنها خبريّة (¬7)، بمعنى الذى، ففى الكلام على هذا القول خمسة /حذوف، لأن أصله: فاصدع بما تؤمر بالصّدع به، فحذفت الباء من «به» فصار فى التقدير: بالصّدعه، فحذف الألف واللام، لامتناع الجمع بينها (¬8) وبين الإضافة، فصار: بصدعه، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، كما
¬_________
(¬1) سورة السجدة 14
(¬2) ديوانه ص 19، والأزهية ص 83.
(¬3) سورة يس 26،27.
(¬4) فى الأصل: «جعل». وأثبتّ ما فى د. والذى فى الأزهية-وأرجّح أن المصنف ينقل عنه: يجعلون.
(¬5) راجع معانى القرآن للفراء 2/ 374، وللزجاج 4/ 283. والاستفهام هنا معناه التعجب من مغفرة الله تعالى له، تقليلا لعمله، وتعظيما لمغفرة الله تعالى له. مشكل إعراب القرآن 2/ 224. وقد تحدث ابن الشجرى فى أول المجلس عن حذف ألف «ما» إذا اتصل بها حرف الجرّ.
(¬6) سورة الحجر 94.
(¬7) أى موصولة.
(¬8) فى د: «بينهما» وما فى الأصل صحيح، على اعتبار «الألف واللام» بمجموعهما «أل»، وكذلك جاء فى المغنى ص 315، وحكاه عن ابن الشجرى.