كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

كأن ثدييه حقّان (¬1)
ولمّا خفّفوها أولوها الفعل، فى نحو: {وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ} (¬2) {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ} (¬3) وألزموها اللام (¬4) إذا وقع بعدها الفعل، كما يلزمونها إيّاها إذا وقع بعدها المبتدأ، لتدلّ اللام على أنّها المخفّفة، والكوفيّون يجعلونها النافية، ويجعلون اللام بمعنى «إلاّ» فيقولون (¬5): المعنى: وما كلّ إلاّ جميع لدينا محضرون، وما نظنّك إلاّ من الكاذبين، وهو من أقوالهم المستبعدة.
واعلم أن «إنما» لها معنى تنفرد به، وذلك أنها تفيد معنى الإيجاب بعد النفي (¬6)، كقولك: إنما خرج أخوك؛ تريد: ما خرج إلاّ أخوك، فلذلك جاز أن تقول: إنما خاصم القوم أنا، وإنما أكرم زيدا أنت، تريد: ما خاصم القوم إلاّ أنا، وما أكرم زيدا إلاّ أنت، ولو أنك قلت: خاصم القوم أنا، وأكرم زيدا أنت، لم يجز إلاّ استعمال الضمير المتّصل.
ومن الحروف المكفوفة بما كاف التشبيه، فى قولهم: كن كما أنت.
ومنها ربّ، فإذا كفّت وقع بعدها الفعل والمعرفة، فالفعل كقوله (¬7):
¬_________
= أبو عمرو والكسائى بتشديد «إنّ» وتخفيف «لما» وابن عامر وحفص عن عاصم، وحمزة بتشديدهما. انظر مع المراجع السابقة إتحاف فضلاء البشر 2/ 136، وراجع المجلس السادس والأربعين.
(¬1) فرغت منه فى المجلس الحادى والثلاثين.
(¬2) سورة الأعراف 102.
(¬3) سورة الشعراء 186.
(¬4) وهى اللام الفارقة، أى التى تفرق بين «إن» النافية، و «إن» المخففة من الثقيلة. اللامات للزجاجى ص 118، وراجع كتاب الشعر ص 79، وحواشيه.
(¬5) فى د: إن المعنى.
(¬6) وهو معنى «القصر أو الحصر» عند البلاغيين. راجع كتاب الشعر ص 199، وحواشيه.
(¬7) هو جذيمة الأبرش. وهذا البيت مما استفاضت به كتب العربية، وتخريجه فى كتاب الشعر ص 392، وانظر أيضا ضرورة الشعر ص 75. وأوفيت: أشرفت. والعلم: الجبل المرتفع، والشّمالات: جمع شمال، وهى ريح باردة-

الصفحة 564