كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

واعلم أن وقوع «ما» بعد «ربّ» على ثلاثة أوجه، أحدها: أن تكون كافّة، زيدت ليصلح وقوع الفعل والمعرفة بعدها، وقد بيّنّا هذا.
والثانى: أنها تكون بعد «ربّ» بمعنى شيء، وقد قدّمت الاستشهاد على ذلك، بقوله:
ربّما تكره النّفوس من الأمر
أراد: ربّ شيء تكرهه النفوس.
والثالث: وقوعها بعدها زائدة لغوا، فلا تمنعها من العمل، كقولك: ربّما رجل عالم لقيته، قال عدىّ بن الرّعلاء الغسّانىّ:
ربّما ضربة بسيف صقيل … دون بصرى وطعنة نجلاء (¬1)
وقد كفّوا «من» بما، فقالوا: إنى لممّا أفعل، قال أبو العباس المبرّد:
يريدون: لربّما أفعل (¬2)، وأنشد لأبى حيّة النّميرىّ (¬3):
¬_________
(¬1) الأصمعيات ص 152، والأزهية ص 80،93، والحماسة الشجرية ص 194، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 307، وأوضح المسالك 3/ 65، والمغنى ص 137،312، وشرح أبياته 3/ 197، 4/ 23 (أحكام بين) وشرح الجمل 1/ 260، والخزانة 9/ 582، وغير ذلك كثير. والطعنة النجلاء: الواسعة البيّنة الاتّساع. من قولهم: عين نجلاء: أى واسعة، وجرّها بالكسرة للضرورة.
(¬2) المقتضب 4/ 174، وأصل كلام المبرد عند سيبويه 3/ 156، وذكر الشيخ عضيمة رحمه الله فى حواشى المقتضب: أنه يبدو أن ابن الشجرى لم يقف على كلام سيبويه.
(¬3) شعره ص 144، وراجع الموضع السابق من الكتاب والمقتضب، والحلبيات ص 200، والشعر ص 392، وحواشيه. وأنشد ابن هشام البيت شاهدا على كفّ «من» بما، ثم قال: «قاله ابن الشجرىّ، والظاهر أن «ما» مصدريّة، وأن المعنى مثله فى خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ وقوله: ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل وضنّت علينا والضّنين من البخل فجعل الإنسان والبخيل مخلوقين من العجل والبخل مبالغة» المغنى ص 311. وهذا الشاهد تقدّم عندنا فى المجلس الحادى عشر.

الصفحة 566