كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

واختلف فى «ما» من قولهم: «مهما» فقيل: إنّ أصله: ماما، فما الأولى هى الشرطيّة/والثانية زائدة للتوكيد، كما زيدت فى أينما ومتى ما، فاستثقلوا تكرير اللفظة بعينها، فأبدلوا من ألف الأولى هاء، وهذا قول الخليل (¬1).
وذهب سيبويه إلى أنهم ركّبوا «مه» مع «ما» وهى التى يزجر بها فيقال: مه مه، وينوّنونها، فيقولون: مه يا هذا، ركّبوها مع «ما» بعد أن سلبوها المعنى الذى وضعت له، وفى التنزيل: {مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} (¬2) وقال زهير (¬3):
ومهما تكن عند امرئ من خليقة … وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وقد زادوا «ما» بين «إن» الشرطيّة و «لا» النافية، عوضا من «كان» واسمها وخبرها، فصرن ككلمة واحدة، وذلك قولهم: «إمّالا» ولتنزلهنّ منزلة كلمة استجازوا إمالة ألف «لا» لأنها صارت كالألف فى نحو: استدعى، ولا يكون «إمّالا» إلاّ جواب كلام، كأنّ قائلا قال: لا أفعل هذا، فقال آخر: افعل هذا إمّالا، يريد: إن كنت لا تفعل هذا فافعل هذا، هكذا قدّره سيبويه، وقد ذكرته فى غير موضع (¬4).
...
¬_________
(¬1) الكتاب 3/ 59، وراجع أوائل المجلس المتمّ الخمسين.
(¬2) سورة الأعراف 132.
(¬3) ديوانه ص 32، وهو من معلقته. وانظر معجم الشواهد ص 360.
(¬4) فى المجلسين: الثانى والأربعين، والسادس والسّتّين.

الصفحة 571