لا تجانسهما، فضعف بذلك مدّهما، كالواو فى سوء ونوء، والياء فى شيء وفىء، ولذلك انفردت الألف بوقوعها ردفا فى القصيدة، كقول القائل:
قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم … واستوثقوا من رتاج الباب والدار (¬1)
لا يقبس الجار منهم فضل نارهم … ولا تكفّ يد عن حرمة الجار
فلو وضعت فى هذه القافية مع الجار: النّور أو الخير، كان خطا بإجماع العرب، فالواو والياء يجيئان ردفين فى القصيدة، وربّما جاءا فى بيت كقوله (¬2):
أجارة بيتينا أبوك غيور … وميسور ما يرجى لديك عسير
واختصّت الألف بكونها تأسيسا، وذلك أن يكون بينها وبين الحرف المسمّى رويّا، حرف لقّبه القوافيّون الدّخيل، كالزاى من المنازل، فى قول ذى الرمة: (¬3)
خليليّ عوجا من صدور الرّواحل … بوعساء حزوى فابكيا فى المنازل
والرّدف: كلّ حرف مدّ قبل الرّوىّ، بغير فصل.
وإنما قال: «ساكن (¬4) غير مدغم»، تحرّزا من الياء والواو الساكنين، وذلك أن الساكن المدغم يصحّ وقوعه/بعدهما، كقولهم في تحقير أصمّ: أصيم، وفى تفوعل من المدّ: تمودّ (¬5) الثّوب، فلهما بذلك مزيّة على السّواكن الصّحيحة،
¬_________
(¬1) ينسبان إلى دعبل، وإلى غيره. ديوانه ص 177، وتخريجهما فيه، وزد عليه عيون الأخبار 2/ 33، من غير نسبة-وما ذكره العلاّمة الميمنى، رحمه الله، فى السّمط 3/ 35.
(¬2) أبو نواس. ديوانه ص 98، والعقد الفريد 5/ 333،496. وانظر كتاب الشعر ص 145، والقوافى للتنوخى ص 118.
(¬3) ديوانه ص 1332، وتخريجه فى ص 2037، والكافى للتبريزى ص 154.
(¬4) من كلام أبى علىّ السابق.
(¬5) انظر الكتاب 3/ 418،4/ 438،441، والأصول 3/ 40،410، وسر صناعة الإعراب ص 18، والتبصرة ص 691، ورسالة الملائكة ص 272، وشرح الشافية 3/ 246، والعروض للأخفش ص 121، وقد أعاد ابن الشجرى الكلام على هذه المسألة فى المجلسين السادس والأربعين، والرابع والستين.