فريشى منكم وهواى معكم … وإن كانت زيارتكم لماما (¬1)
وإنّما حكم عليها بالحرفيّة؛ لأنها على حرفين، وانضم إلى ذلك فيها السكون، فنزّلها منزلة هل وبل وقد.
واحتجّ من دفع هذا القول بلحاق التنوين لها، ودخول «من» عليها فى قولهم: كان معها فانتزعته من معها (¬2)، وقال: إن السكون لحقها للضّرورة.
وأقول: إنهم قد استعملوا «عن» اسما بمعنى الناحية، إذا أدخلوا عليها «من» كقوله (¬3):
جرت عليها كلّ ريح سيهوج … من عن يمين الخطّ أو سماهيج (¬4)
أراد: من ناحية يمين الخطّ.
يقال: ريح سيهوج: شديدة، وسماهيج: ضعيفة (¬5)، ومثل (¬6) قول قطرىّ بن الفجاءة:
ولقد أرانى للرّماح دريئة … من عن يمينى مرّة وأمامى (¬7)
أى من ناحية يمينى. وهى مع استعمالهم إيّاها اسما، على حرفين ساكنة
¬_________
(¬1) فرغت منه فى المجلس الثانى والثلاثين.
(¬2) الجنى الدانى ص 306، والمعنى ص 333، وجاء فى كتاب سيبويه 3/ 287 «من معه» بفتح ميم «من» وعين «معه» خطأ، والصواب ما ترى.
(¬3) رجل من بنى سعد. الإبدال لابن السكيت ص 118، وكتاب الشعر ص 181، والإيضاح ص 259، وشرحه المقتصد ص 846، وإيضاح شواهده ص 321، والأزمنة والأمكنة 2/ 79، والمخصص 9/ 86، والمعرّب ص 203، وسفر السعادة ص 731.
(¬4) قال السخاوى: و «جرت» يروى بالتشديد، والتقدير: جرّت عليها ذيولها. ويروى «جرت» بالتخفيف. والخطّ: موضع بالبحرين.
(¬5) بهامش الأصل حاشية «سما هيج: اسم جزيرة فى البحر، وهى بالفارسية ماش ماهى، عرّبتها العرب». وهذه الحاشية بحروفها فى معجم البلدان 3/ 132، وأنشد ياقوت الشاهد.
(¬6) فى د: ومثله.
(¬7) فرغت منه فى المجلس السابع والستّين.