كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

قريب؛ لأن الرحمة والغفران فى معنى واحد، وكذلك كلّ تأنيث ليس بحقيقيّ (¬1).
وقال/غيره: إنّما ذكّر قريب لأن الرحمة والرّحم سواء، وهذا نظير قول الزّجّاج؛ إلاّ أنه أوفق؛ لأنه ذكر ما هو من لفظ الرحمة، فأراد أن الرّحم فى قوله تعالى: {وَأَقْرَبَ رُحْماً} (¬2) بمعنى الرحمة، فقد وافقها لفظا ومعنى، فحملت الرحمة عليه. وقال الأخفش: المراد بالرحمة هاهنا المطر، لأنه قد تقدّم ما يقتضى ذلك، فحمل قريب عليه (¬3).
وقال أبو عبيدة: ذكّر {قَرِيبٌ} لتذكير المكان، أى مكانا قريبا (¬4).
وأقول: إنه لو أريد (¬5) هذا لنصب قريب على الظرف، فإن حملناه على ما قاله، فالتقدير: إنّ رحمة الله ذات مكان قريب، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فصار: إن رحمة الله مكان قريب، فحذف الموصوف كما حذف فى قوله تعالى: {أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ} (¬6) أراد دروعا سابغات
وقال الفرّاء: إنما أتى قريب بغير هاء، ليفرق بين قريب من النّسب وقريب من القرب (¬7).
قال الزجّاج: وهذا غلط؛ لأنّ كلّ ما قرب؛ من مكان أو نسب، فهو جار
¬_________
(¬1) معانى القرآن 2/ 344.
(¬2) سورة الكهف 81.
(¬3) معانى القرآن ص 300.
(¬4) الذى فى مجاز القرآن 1/ 216 غير هذا، فقد قال أبو عبيدة هناك: «هذا موضع يكون فى المؤنثة والثّنتين والجميع منها بلفظ واحد، ولا يدخلون فيها الهاء؛ لأنه ليس بصفة، ولكنه ظرف لهنّ وموضع، والعرب تفعل ذلك فى قريب وبعيد».
(¬5) هذا الردّ لعلىّ بن سليمان، الأخفش الصغير، كما ذكر النحاس فى إعراب القرآن 1/ 618.
(¬6) سورة سبأ 11.
(¬7) الموضع السابق من معانى القرآن، مع اختلاف فى العبارة

الصفحة 589