كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 2)

قيل: إنه لما استعمل مع الشيئين المتلابسين فى نحو: بينى وبينك شركة، وبينى وبينه رحم وصداقة، صارت لاستعمالها في هذه المواضع بمنزلة الوصلة، وعلى خلاف الفرقة، فلهذا جاء {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} بمعنى: لقد تقطّع وصلكم (¬1).
ومثل «بين» فى أنه يجرى فى الكلام ظرفا، ثم يستعمل اسما، قولهم:
«وسط» الساكن العين (¬2)، ألا ترى أنك تقول: جلست وسط الدار، فتجعله ظرفا، لا يكون إلاّ كذلك، ثم استعملوه اسما فى نحو قول القتّال (¬3):
من وسط جمع بنى قريط بعد ما … هتفت ربيعة يا بنى جوّاب
وقال آخر (¬4):
أتته بمجلوم كأنّ جبينه … صلاية ورس وسطها قد تفلّقا
فجعله مبتدأ وأخبر عنه، كما جرّه الآخر بالحرف الجارّ، وحكى سيبويه:
«هو أحمر بين العينين» (¬5).
¬_________
= ما قطع من الحىّ فهو ميت، من أبواب الأطعمة) 6/ 273، وسنن الدارمى (باب فى الصيد يبين منه العضو، من كتاب الصيد) 2/ 93، ومسند أحمد 5/ 218، والمستدرك 4/ 124، وفى تلخيصه للذهبى «ما أبين من البهيمة وهى حيّة فهو ميت». وقد جاء اللفظ الذى استشهد له ابن الشجرى، فى حديث علىّ الذى رواه أبو بكر بن أبى شيبة، قال: «إذا ضرب الصيد فبان عضو لم يأكل ما أبان، وأكل ما بقى». ثم ذكر فى الباب أحاديث أخر. المصنّف (باب فى الرجل يضرب الصيد فيبين منه العضو. من كتاب الصيد) 5/ 373.
(¬1) وعدّه علماء اللغة من الأضداد. راجع أضداد ابن الأنبارىّ ص 75.
(¬2) راجع الكتاب 1/ 411، والمقتضب 4/ 342 - وحواشيه-وفصيح ثعلب ص 68، والأصول 1/ 201، وكتاب الشعر ص 254، والعضديات ص 196. والكوكب الدرّىّ ص 203، والهمع 1/ 201، والمزهر 2/ 293، والأشباه 2/ 435.
(¬3) ديوانه ص 36، وحواشى كتاب الشعر ص 255، والعضديات ص 154.
(¬4) الفرزدق. ديوانه ص 596، وكتاب الشعر ص 254، وما فى حواشيه، والعضديات ص 153. والمجلوم: اسم مفعول، من جلمت الشىء جلما-من باب ضرب-أى قطّعته. وروى: «أتته بمحلوق» من حلق رأسه بالموسى. والفرزدق يصف ذلك الذى يقبح ذكره من أعضاء المرأة. والصّلاءة- ويقال: الصّلاية: المدقّ، وهو الحجر الأملس الذى يسحق عليه شيء. ويأتيك شرح الورس.
(¬5) لم أجده في الكتاب المطبوع.

الصفحة 592